التعريف:
تعريف
الزكاة في اللغة:
النماء والربع والزيادة، من زكا يزكو زكاة وزكاء، وقيل : "العلم يزكو بالإنفاق" أي
ينمو.
والزكاة
أيضاً الصلاح، قال الله تعالى: {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا
خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً} [الكهف: 81] أي صلاحاً.
وقال
تعالى:
{وَلَوْلا
فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ
أَبَدًا} [النور: 21]. أي ما صلح منكم {وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ
يَشَاءُ} [النور: 21] أي يصلح من يشاء.
وقيل
لما يخرج من حق الله في المال "زكاة"، لأنه تطهير للمال مما فيه من حق، وتثمير له،
وإصلاح ونماء بالإخلاف من الله تعالى.
تعريف
الزكاة في الشرع:
يطلق على أداء حق يجب في أموال مخصوصة، على وجه مخصوص ويعتبر في وجوبه الحول
والنصاب.
والمزكي:
من يخرج عن ماله الزكاة.
والمزكي
أيضاً: من له ولاية جمع الزكاة.
الحكم
التكليفي:
الزكاة
فريضة من فرائض الإسلام، وركن من أركان الدين. وقد دل على وجوبها الكتاب والسنة
والإجماع.
دليل
الكتاب:
قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [النور: 56] وقوله:
{فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي
الدِّينِ} [التوبة: 11] وقوله:
{وَالَّذِينَ
يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ
فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ
لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ}
[التوبة: 34-35] وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أدي زكاته فليس بكنز" رواه
ابن أبي حاتم.
دليل
السنة:
قول النبي صلى الله عليه وسلم: "بني الإسلام على خمس .." وذكر منها إيتاء الزكاة،
رواه البخاري وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرسل السعاة ليقبضوا الصدقات، وأرسل
معاذاً إلى أهل اليمن، وقال له: "أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ
من أغنيائهم وترد على فقرائهم" رواه البخاري.
وقال
صلى الله عليه وسلم: "من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعاً
أقرع له زبيبتان، يطوقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه - يعني شدقيه - ثم يقول: أنا
مالك، أنا كنزك" رواه البخاري.
دليل
الإجماع:
فقد أجمع المسلمون في جميع الأعصار على وجوبها من حيث الجملة، واتفق الصحابة رضي
الله عنهم على قتال مانعيها. فقد روى البخاري أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: "لما
توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو بكر رضي الله عنه، وكفر من كفر من
العرب، فقال عمر رضي الله عنه: كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله. فمن قالها فقد عصم مني
ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله" رواه البخاري. فقال أبو بكر: والله لأقاتلن
من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال. والله لو منعوني عناقاً كانوا
يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها، قال عمر: فوالله ما
هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر رضي الله عنه، فعرفت أنه
الحق".
- أطوار
فرضية الزكاة:
إيتاء
الزكاة كان مشروعاً في ملل الأنبياء السابقين، قال الله تعالى في حق إبراهيم وآله
عليه الصلاة والسلام: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا
وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَةِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ
الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} [الأنبياء: 73].
وشرع
للمسلمين إيتاء الصدقة للفقراء، منذ العهد المكي، كما في قوله تعالى:
{فَلا
اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ
إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا
ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 11-16].
وبعض
الآيات المكية جعلت للفقراء في أموال المؤمنين حقاً معلوماً، كما في قوله تعالى:
{وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ
وَالْمَحْرُومِ} [المعارج: 24- 25].
ومما
يدل على أن فرض الزكاة وقع بعد الهجرة اتفاقهم على أن صيام رمضان إنما فرض بعد
الهجرة، لأن الآية الدالة على فرضيته مدنية بلا خلاف، وثبت من حديث قيس بن سعد قال:
"أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة، ثم نزلت
فريضة الزكاة فلم يأمرنا ولم ينهنا، ونحن نفعله" رواه
النسائي.
- فضل
إيتاء الزكاة:
يظهر
فضل الزكاة من أوجه:
1- اقترانها
بالصلاة في كتاب الله تعالى، فحيثما ورد الأمر بالصلاة اقترن به الأمر بالزكاة، من
ذلك قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا
لأَنفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ} [البقرة:
110].
2- أنها
ثالث أركان الإسلام الخمسة، لما في الحديث "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله
إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج
البيت" رواه البخاري.
3- أنها
من حيث هي فريضة أفضل من سائر الصدقات لأنها تطوعية، وفي الحديث القدسي "ما تقرب
ألي عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه" رواه البخاري.
- حكمة
تشريع الزكاة:
أ-
أن الصدقة وإنفاق المال في سبيل الله يطهران النفس من الشح والبخل، وسيطرة حب المال
على مشاعر الإنسان، ويزكيه بتوليد مشاعر الموادة، والمشاركة في إقالة العثرات، ودفع
حاجة المحتاجين، أشار إلى ذلك قول الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ
صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}
[التوبة:103].
وفيها
من المصالح للفرد والمجتمع ما يعرف في موضعه، ففرض الله تعالى من الصدقات حداً أدنى
ألزم العباد به، وبين مقاديره، إذ لولا التقدير لفرط المفرط ولاعتدى
المعتدي.
ب-
الزكاة تدفع أصحاب الأموال المكنوزة دفعاً إلى إخراجها لتشترك في زيادة الحركة
الاقتصادية، يشير إلى ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا من ولي يتيماً له مال
فليتجر فيه، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة" رواه الترمذي.
وقال
عمر رضي الله عنه: ابتغوا في أموال اليتامى لا تأكلها الصدقة" رواه البيهقي بإسناد
صحيح.
جـ-
الزكاة تسد حاجة جهات المصارف الثمانية وبذلك تنتفي المفاسد الاجتماعية والخلقية
الناشئة عن بقاء هذه الحاجات دون كفاية.
· أحكام
مانع الزكاة:
- إثم
مانع الزكاة:
من
منع الزكاة فقد ارتكب محرماً هو كبيرة من الكبائر، وورد في القرآن والسّنة ما يفيد
أن عقوبته في الآخرة من نوع خاص. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من صاحب
كنز لا يؤدي زكاته إلا أحمي عليه في نار جهنم، فيجعل صفائح، فيكوى بها جنباه
وجبينه، حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله
إما إلى الجنة وإما إلى النار، وما من صاحب إبل لا يؤدي زكاتها إلا بطح لها بقاعٍ
قرقرٍ كأوفر ما كانت تستن عليه، كلما مضى عليه أخراها ردت عليه أولاها، حتى يحكم
الله بين عباده، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إمَّا إلى الجنة
وإما إلى النار، وما من صاحب غنم لا يؤدي زكاتها، إلا بطح لها بقاع قرقر، كأوفر ما
كانت، فتطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها، ليس فيها عقصاء ولا جلحاء، كلما مضى عليه
أخراها ردت عليه أولاها، حتى يحكم الله بين عباده، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة
مما تعدون، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار" رواه
مسلم.
- العقوبة
لمانع الزكاة:
من
منع الزكاة وهو في قبضة الإمام تؤخذ منه قهراً لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فإذا قالوها
عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله" ومِنْ حقها
الزكاة.
قال
أبو بكر رضي الله عنه بمحضر الصحابة: "الزكاة حق المال" وقال رضي الله عنه: "والله
لو منعوني عقالاً كان يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه".
وأقره الصحابة على ذلك.
وقد
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن مانع الزكاة إذا أخذت منه قهراً لا يؤخذ معها من
ماله شيء.
وذهب
الشافعي في قولٍ
: إلى أن مانع الزكاة يؤخذ شطر ماله عقوبة له.
فأما
من كان خارجاً عن قبضة الإمام ومنع الزكاة، فعلى الإمام أن يقاتله، لأن الصحابة
قاتلوا الممتنعين من أدائها، فإن ظفر به أخذها منه من غير
زيادة.
وهذا
فيمن كان مقراً بوجوب الزكاة، لكن منعها بخلاً أو تأولاً، ولا يحكم بكفره، ولذا فإن
مات ورثه المسلمون من أقاربه وصلي عليه.
وفي
رواية عن أحمد
يحكم بكفره ولا يورث ولا يصلى عليه.
وأما
من منع الزكاة منكراً لوجوبها، فإن كان جاهلاً ومثله يجهل ذلك لحداثة عهده
بالإسلام، أو لأنه نشا ببادية بعيدة عن الأمصار، أو نحو ذلك، فإنه يعرف وجوبها ولا
يحكم بكفره لأنه معذور، وإن كان مسلماً ناشئاً ببلاد الإسلام بين أهل العلم فيحكم
بكفره، ويكون مرتداً، وتجري عليه أحكام المرتد، لكونه أنكر معلوماً من الدين
بالضرورة