الفرق بين
المنافسة والحسد
وإذا لم ينظر إلى أحوال
الناس فهذه منافسة في الخير لا شىء
فيها فيتنافس الأثنان في الأمر
المطلوب المحبوب كلاهما يطلب أن
يأخذه وذلك لكراهية أحدهما أن يتفضل
عليه الآخر كما يكره المستبقان كل
منهما أن يسبقه الآخر. والتنافس ليس
مذموماً مطلقاً ، بل هو محمود في
الخير.قال تعالى(إن الأبرار لفي نعيم.على
الأرائك ينظرون . تعرف في وجوههم نظرة
النعيم . يسقون من رحيق مختوم. ختامه
مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)
وهذا موافق لحيث النبي صلى الله عليه
وسلم فإنه نهى عن الحسد إلا فيمن أوتي
العلم فهو يعمل به ويعلمه، ومن أوتي
المال فهو ينفقه. فأما من أوتي علماً
ولم يعمل به ولم يعلمه ، أو أوتي
مالاً ولم ينفقه في طاعة الله فهذا
لايحسد ولا يتمنى مثل حاله ، فإنه ليس في خير يرغب فيه
، بل هو معرّض للعذاب.
وحال أبي بكر الصديق رضي الله عنه
أفضل فهو خال من المنافسة مطلقاً لا
ينظر إلى حال غيره وكذلك موسى صلى
الله عليه وسلم في حديث المعراج حصل
له منافسة وغبطة للنبي صلى الله عليه
وسلم حتى بكى لما تجاوزه النبي صلى
الله عليه وسلم فقيل له: ما يبكيك؟
قال:أبكي لإن غلاماً بعث بعدي يدخل
الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من
أمتي) رواه البخاري ومسلم. قاعدة:
أن من عنده همة الخير وليست لديه
منافسة وغبطة أفضل ممن لديه تلك
المنافسة والغبطة مثل أبو عبيدة بن
الجراح رضي الله عنه ونحوه فقد كانوا
سالمين من الغبطة والمنافسة وإن كان
ذلك مباحاً ولهذا استحق أبو عبيدة
رضي الله عنه أن يكون أمين هذه الأمة
؛ فإن المؤتمن إذا لم يكن في نفسه
مزاحمة مما ائتمن عليه كان أحق
بالأمانة ممن يخاف مزاحمته. وفي
الحديث عن أنس رضي الله عنه قال: كنا
جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم
فقال: يطلع عليكم الآن من هذا الفج
رجل من أهل الجنة قال: فطلع رجل من
الأنصار تنطف لحيته من الوضوء .... )إلى
آخر الحديث. رواه أحمد. فالحاسد
المبغض للنعمة على من أنعم الله عليه
بها ظالم معتد ، والكاره لتفضيله
المحب لمماثلته منهي عن ذلك إلا فيما
يقربه إلى الله ، فإذا أحب أن يعطى
مثل ما أعطي مما يقربه إلى الله فهذا
لا بأس به ، وإعراض قلبه عن هذا بحيث
لا ينظر إلى حال الغير أفضل. وربما
غلط قوم فظنوا أن المنافسة في الخير
هي الحسد وليس الأمر على ما ظنوا لإن
المنافسة طلب التشبه بالأفاضل من غير
إدخال الضرر عليهم والحسد مصروف إلى
الضرر لإن غايته أن يعدم الأفاضل
فضلهم من غير أن يصير الفضل إليه فهذا
الفرق بين المنافسة والحسد. وقد روي
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:المؤمن
يغبط والمنافق يحسد