وقول الله تعالى { الظَّانِّينَ
بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ
عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً }.
قال العلامة ابن
القيم رحمه الله:
وأكثر الناس يظنون
بالله ظن السوء فيما يختص بهم, وفيما يفعله بغيرهم, ولا يسلم من ذلك إلا من عرف
الله وأسماءه وصفاته وموجب حكمته وحمده, فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا وليتب
إلى الله وليستغفره من ظنه بربه ظن السوء,ولو فتشت من فتشت لرأيت عنده تعنتاً على
القدر وملامة له وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا, فمستقل ومستكثر, وفتش في نفسك
هل أنت سالم؟
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة وإلا فإني لا إخالك ناجياً اهـ
باب قول الله تعالى {
وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ
رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا
أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ
لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا
وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ}
عن أبي هريرة رضي
الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
( إن ثلاثة من بني
إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى فأراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكاً فأتى الأبرص
فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال لون حسن وجلد حسن ويذهب عني الذي قد قذرني الناس.
قال: فمسحه فذهب عنه
قذره وأعطي لوناً حسناً وجلداً حسناً .
قال: فأي المال أحب
إليك؟ قال: الإبل أو قال البقر شك إسحاق, إلا أن الأبرص والأقرع قال أحدهما الإبل
وقال الآخر: البقر. قال فأعطي ناقة عُشراء. فقال: بارك الله لك فيها.
قال: فأتى الأقرع
فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: شعر حسن ويذهب عني هذا الذي قذرني الناس. قال: فمسحه
فذهب عنه وأعطي شعراً حسناً. قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: البقر. فأعطي بقرة
حاملاً. فقال: بارك الله لك فيها.
قال: فأتى الأعمى
فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: أن يرد الله إليّ بصري فأبصر به الناس. قال: فمسحه
فرد الله إليه بصره. قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الغنم. فأعطي شاةً
والداً. فأنتج هذان وولد هذا.
فكان لهذا وادٍ من
الإبل, ولهذا وادٍ من البقر, ولهذا وادٍ من الغنم.
قال: ثم أتى الأبرص
في صورته وهيئته فقال: رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم
إلا بالله ثم بك. أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيراً أتبلغ
عليه في سفري. فقال: الحقوق كثيرة. فقال له : كأني أعرفك ألم تكن أبرص يقذرك
الناس؟ فقيرا فأعطاك الله؟ فقال: إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر. قال: إن كنت
كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت.
وأتى الأقرع في صورته
فقال له مثل ما قال لهذا, ورد عليه مثل ما رد على هذا. فقال: إن كنت كاذباً فصيرك
الله إلى ما كنت.
وأتى الأعمى في صورته
وهيئته فقال: رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم إلا
بالله ثم بك, أسألك بالذي رد عليك بصرك شاةً أتبلغ بها في سفري. فقال: قد كنت أعمى
فرد الله إلي بصري وفقيراً فقد أغناني فخذ ما شئت ودع ما شئت فو الله لا أجهدك
اليوم شيئاً أخذته لله.
فقال: أمسك مالك
فإنما ابتليتم فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك).
أخرجه البخاري برقم 3464 ومسلم برقم 2964