يزيد بن عبد
الملك:
ترجمته:
هو يزيد بن
عبد الملك بن مروان ولد سنة 65 وعهد إليه سليمان بن عبد الملك بالخلافة بعد عمر بن
عبد العزيز فلما توفي عمر بويع بها فلما تولى عمد إلى كل صالح فعله عمر فأعاده إلى
ما كان عليه وهو أول خليفة من بني أمية عرف بالشراب وقتل الوقت في معاشرة القيان.
وفي أول عهده كانت فتنة يزيد بن المهلب فإنه لما هرب من محبس عمر وبلغه موته وخلافة
يزيد بن عبد الملك قصد البصرة وعليها عدي بن أرطاة فاستولى عليها وعلى ما يليها من
فارس والأهواز فبعث إليه يزيد بن عبد الملك جيشاً عظيماً يقوده أخوه مسلمة بن عبد
الملك. خطب ابن المهلب أهل البصرة وأخبرهم أنه يدعوهم إلى كتاب اللَّه وسنته وحثهم
على الجهاد وزعم أن جهاد أهل الشام أعظم ثواباً من جهاد الترك والديلم. فسمعه الحسن
البصري سيد فقهاء أهل البصرة فقال واللَّه لقد رأيناك والياً وموالياً عليك فما
ينبغي لك ذلك فقام إليه أناس فأسكتوه خوفاً من أن يسمعه ابن
المهلب.
وروى
الطبري أن الحسن مر على الناس وقد اصطفوا صفين وقد نصبوا الرايات والرماح وهم
ينتظرون خروج ابن المهلب وهم يقولون يدعونا إلى سنة العمرين فقال الحسن إنما كان
يزيد بالأمس يضرب أعناق هؤلاء الذين ترون ثم يسرح بها إلى بني مروان يريد بهلاك
هؤلاء القوم رضاهم فلما غضب غضبة نصب نصباً ثم وضع عليها خرقاً ثم قال إني قد
خالفتهم فخالفوهم قال هؤلاء القوم نعم وقال إني أدعوكم إلى سنة العمرين وإن من سنة
العمرين أن يوضع قيد في رجله يرد إلى محبس عمر الذي فيه
حبسه.
وولي ابن
هبيرة سعيد الخرشي على خراسان وكانت له مع الصغد أهل سمرقند وقائع عظيمة من كثرة ما
نقضوا كاد يستأصلهم فيها.
وفي عهده
دخل جيش للمسلمين بلاد الخزر من أرمينية وعليهم ثبيت النهراني فاجتمعت الخزر في جمع
كثير وأعانهم قفجاق وغيرهم من أنواع الترك فلقوا المسلمين بمكان يعرف بمرج الحجارة
فاقتتلوا هناك قتالاً شديداً فقتل من المسلمين بشر كثير واحتوت الخزر على عسكرهم
وغنموا جميع ما فيه وأقبل المنهزمون إلى الشام فقدموا على يزيد بن عبد الملك وفيهم
ثبيت فوبخهم يزيد على الهزيمة فقال يا أمير المؤمنين ما جبنت ولا نكبت عن لقاء
العدو ولقد لصقت الخيل بالخيل والرجل بالرجل ولقد طاعنت حتى انقصف رمحي وضاربت حتى
انقطع سيفي، غير أن اللَّه تبارك وتعالى يفعل ما يريد.
ولما غلب
الخزر هذه المرة طمعوا في بلاد المسلمين فجمعوا وحشدوا واستعمل يزيد الجراح بن عبد
اللَّه الحكمي حينئذ على أرمينية وأمده بجيش كثيف وأمره بغزو الخزر وغيرهم من
الأعداء فسار الجراح حتى وصل برذعة، وبعد أن استراح سار نحو الخزر فعبر نهر الكرو،
ولما وصل إلى مدينة الباب والأبواب لم يجد فيها أحداً من الخزر فدخلها بغير قتال ثم
أقبل إليه الخزر وعليهم ابن ملكهم فقاتلهم الجراح وظفر بهم ظفراً عظيماً ثم سار حتى
نزل على حصن يعرف بالحصين أهله بالأمان على مال يحملونه فأمنهم وتسلم حصنهم ونقلهم
عنه.
ثم سار إلى
بلنجر، وهو حصن عظيم من حصونهم فنازله وافتتحه عنوة بعد قتال زاغت فيه الأبصار، ثم
إن الجراح أخذ أولاد صاحب بلنجر وأهله وأرسل إليه فحضر ورد إليه أمواله وأهله وحصنه
وجعله عيناً لهم يخبره بما يفعل العدو، ثم سار عن بلنجر فنزل على حصن الوبندر وبه
نحو أربعين ألفاً من الترك فصالحوا الخراج على مال يؤدونه، وعلى الجملة فقد كان
الجراح أعظم الولادة أثراً وفتحاً في تلك البلاد
القاصية.