الصيام المستحب:
من حكمة
الله عز وجل ورحمته بعباده: أن جعل لهم من التطوع ما يماثل الفرائض، وذلك زيادة في
الأجر والثواب للعاملين، وجبراً للنقص والخلل الذي
قد
يطرأ على الفريضة، فقد سبق معنا: أن الفرائض تكمل من النوافل يوم القيامة. والأيام
التي يستحب صيامها هي:
1- صيام ستة أيام من شوال: لحديث أبي أيوب الأنصاري - رضي
الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: (من
صام رمضان، ثم أتبعه ستاً من شوال، كان كصيام الدهر) (1).
2- صيام يوم عرفة لغير
الحاج: لحديث أبي قتادة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله،
والسنة التي بعده) (2). أما الحاجُّ فلا يسن له صيام يوم عرفة؛ لأن النبي - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أفطر في ذلك اليوم والناس ينظرون إليه، ولأنه أقوى
للحاج على العبادة والدعاء في ذلك اليوم.
3- صيام يوم عاشوراء: فقد سئل النبي -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن صوم عاشوراء؟ فقال: (أحتسب على الله أن
يكفر السنة التي قبله) (3). ويستحب صيام يوم قبله أو يوم بعده؛ لقوله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع) (4)، ولقوله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده، خالفوا
اليهود) (5).
4- صوم الاثنين والخميس من كل أسبوع: لحديث عائشة رضي الله عنها:
(كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتحرى صيام الاثنين والخميس)
(6)، ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (تعرض الأعمال يوم الاثنين
والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم) (7).
__________
(1) رواه مسلم برقم
(1164).
(2) رواه مسلم برقم (1162).
(3) أخرجه مسلم برقم (1162). وهو جزء من
حديث طويل.
(4) أخرجه مسلم برقم (1133) - 134.
(5) أخرجه أحمد (1/241)، وابن
خزيمة برقم (2095) وفي سنده ضعف، لكنه صح عن ابن عباس بنحوه موقوفاً من
قوله.
(6) رواه أحمد (5/201)، والترمذي برقم (745)، وقال الترمذي: حسن صحيح،
وصححه الألباني (التعليق على ابن خزيمة رقم 2116).
(7) أخرجه الترمذي برقم
(751)، والنسائي (1/322)، وأبو داود برقم (2436) وحسنه الترمذي، وصححه الألباني
(صحيح الترمذي رقم 596).
5-
صيام ثلاثة أيام من كل شهر: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعبد الله
بن عمرو: (صم من الشهر ثلاثة أيام، فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر)
(1). وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: (أوصاني خليلي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن
أنام) (2). ويستحب أن تكون الأيام البيض، وهي الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس
عشر؛ لحديث أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -: (من كان منكم صائماً من الشهر فليصم الثلاث البيض) (3).
6- صوم يوم
وإفطار يوم: لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أفضل الصيام صيام داود
عليه السلام؛ كان يصوم يوماً ويفطر يوماً) (4). وهذا من أفضل أنواع التطوع.
7-
صيام شهر الله المحرم: لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم،
وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل) (5).
8- صيام تسع ذي الحجة: وتبدأ من أول
يوم من شهر ذي الحجة، وتنتهي باليوم التاسع، وهو يوم عرفة؛ وذلك لعموم الأحاديث
الواردة في فضل العمل فيها؛ فقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ما من
أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه العشر) (6). والصوم من العمل الصالح