ما يكره ويحرم من الصيام:
1- يكره
إفراد شهر رجب بالصيام؛ لأن ذلك من شعائر الجاهلية، وقد كانوا يعظمون هذا الشهر،
فلو صامه مع غيره لم يكره؛ لأنه لا يكون حينئذ مُخَصِّصاً
له
بالصيام. روى أحمد بن خرشة بن الحر قال: رأيت عمر بن الخطاب يضرب أكف المترجِّبين،
حتى يضعوها في الطعام، ويقول: (كلوا، فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية) (1).
2-
يكره إفراد يوم الجمعة بصيام؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا
تصوموا يوم الجمعة، إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده) (2). فإن صامه مع غيره
فلا بأس بذلك، للحديث الماضي.
3- يكره إفراد يوم السبت بصيام؛ لقوله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم) (3).
والمقصود: النهي عن إفراده، وتخصيصه بالصيام، أما إذا ضُمَّ إلى غيره فلا بأس،
لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأم المؤمنين جويرية وقد دخل عليها
يوم الجمعة، وهي صائمة: (أصمتِ أمس؟) قالت: لا. قال: (تريدين أن تصومي غداً؟) قالت:
لا. قال: (فأفطري) (4). فدل قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (تريدين أن
تصومي غداً) على جواز صيام يوم السبت مع غيره. قال الإمام الترمذي -رحمه الله- عقب
إخراجه حديث النهي الماضي: (ومعنى الكراهية فى هذا: أن يختص الرجل يوم السبت بصيام؛
لأن اليهود يعظِّمون يوم السبت).
4- تحريم صيام يوم الشك، وهو يوم الثلاثين من
شعبان، إذا كان في السماء ما يمنع رؤية الهلال، فإن كانت السماء صحواً فلا شك.
ودليل تحريمه: حديث عمار - رضي الله عنه - قال: (من صام اليوم الذي يشكُّ فيه فقد
عصى أبا القاسم) (5).
__________
(1) عزاه الألباني لابن أبي شيبة، وقال:
صحيح. (إرواء الغليل 4/113).
(2) أخرجه البخاري برقم (1985)، ومسلم برقم
(1144).
(3) أخرجه أبو داود برقم (2421)، والترمذي برقم (744)، وابن ماجه برقم
(1726)، والحاكم (1/435). وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم على شرط البخاري، ووافقه
الذهبي. وصححه الألباني (صحيح الترمذي برقم 594).
(4) أخرجه البخاري برقم
(1986).
(5) علقه البخاري في صحيحه بصيغة جزم (الفتح 4/143) ك الصيام، ب قول
النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إذا رأيتم الهلال فصوموا). ووصله
الترمذي برقم (689) وغيره، وقال: حديث حسن صحيح. وصححه الألباني (صحيح الترمذي برقم
553).
ولقوله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا يتقدمَن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين،
إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلك اليوم) (1). والمعنى: لا يتقدم أحد رمضان
بصوم يوم يُعَدُّ منه بقصد الاحتياط، فإن صومه مرتبط بالرؤية، فلا حاجة إلى التكلف،
أما من كان له ورد يصومه فلا شيء عليه؛ لأن ذلك ليس من استقبال رمضان. ويستثنى من
ذلك أيضاً: القضاء والنذر لوجوبهما.
5- يحرم صوم يومي العيدين، لحديث أبي سعيد
الخدري - رضي الله عنه -: (نهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن صوم
يوم الفطر والنحر) (2)، ولحديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: (هذان يومان
نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن صيامهما: يوم فطركم من
صيامكم، واليوم الآخر تأكلون فيه من نسككم) (3).
6- يكره صوم أيام التشريق، وهي
ثلاثة أيام بعد يوم النحر: الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، لقوله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عنها: (أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل) (4). ولقوله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا
أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب) (5). ورُخِّص في صيامها للمتمتع والقارن إذا لم
يجدا ثمن الهدي؛ لحديث عائشة وابن عمر رضي الله عنهم، قالا: (لم يُرَخَّص في أيام
التشريق أن يُصَمن إلا لمن لم يجد الهدي) (6).
__________
(1) أخرجه البخاري
برقم (1914).
(2) أخرجه البخاري برقم (1991).
(3) أخرجه البخاري برقم
(1990).
(4) أخرجه مسلم برقم (1141).
(5) أخرجه الترمذي برقم (777)، وقال:
حسن صحيح. وصححه الألباني (صحيح الترمذي برقم 620).
(6) أخرجه البخاري برقم
(1997، 1998