أ- الحكمة في إيجاب الزكاة:
شرعت الزكاة لحكم سامية، وأهداف نبيلة، لا تحصى
كثرة، منها:
1- تطهير المال وتنميته، وإحلال البركة فيه، وذهاب شره ووبائه،
ووقايته من الآفات والفساد.
2- تطهير المزكِّي من الشح والبخل، وأرجاس الذنوب
والخطايا، وتدريبه على البذل والإنفاق في سبيل الله.
__________
(1) وهو الذي
يشرب بعروقه من غير سقي، كأن يكون فى بركة ونحوها يصب إليه من ماء المطر في سواق
تشق له، أو يكون الماء قريباً منه فيشرب بعروقه، كالذي يكون قريبا من
الأنهار.
(2) بالنَّضح: يعني بالإبل التي يحمل عليها الماء لسقي الزرع، وتسمى:
ناضح، والأنثى: ناضحة.
(3) أخرجه البخاري برقم (1483) من حديث ابن عمر رضي الله
عنهما.
(4) متفق عليه: أخرجه البخاري برقم (1499)، ومسلم برقم (1710) من حديث
أبي هريرة - رضي الله عنه -.
3-
مواساة الفقير وسد حاجة المعوزين والبائسين والمحرومين.
4- تحقيق التكافل
والتعاون والمحبة بين أفراد المجتمع، فحينما يعطي الغني أخاه الفقير زكاة ماله
يستلُّ بها ما عسى أن يكون في قلبه من حقد وتمنٍّ لزوال ما هو فيه من نعمة الغنى،
وبذلك تزول الأحقاد ويعم الأمن.
5- إن في أدائها شكراً لله تعالى على ما أسبغ
على المسلم من نعمة المال، وطاعة لله سبحانه وتعالى في تنفيذ أمره.
6- أنها تدل
على صدق إيمان المزكي؛ لأن المال المحبوب لا يخرج إلا لمحبوب أكثر محبة، ولهذا سميت
صدقة؛ لصدق طلب صاحبها لمحبة الله، ورضاه.
7- أنها سبب لرضا الرب، ونزول
الخيرات، وتكفير الخطايا، وغيرها.
ب- على من تجب الزكاة (شروط وجوبها):
تجب
الزكاة على من توافرت فيه الشروط الآتية:
1- الإسلام: فلا تجب الزكاة على
الكافر؛ لأنها عبادة مالية يتقرب بها المسلم إلى الله، والكافر لا تقبل منه العبادة
حتى يدخل في الإسلام، لقوله تعالى: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ
نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ) [التوبة: 54]
فإذا كانت لا تقبل منهم فلا فائدة في إلزامهم بها، ولمفهوم قول أبي بكر الصديق -
رضي الله عنه -: (هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - على المسلمين) (1)، لكنه مع ذلك محاسب عليها، لأنه مخاطب بفروع الشريعة
على الصحيح.
2- الحرية: فلا تجب الزكاة على العبد والمُكَاتَب؛ لأن العبد لا
يملك شيئاً، والمكاتب ملكه ضعيف، وأن العبد وما في يده ملك لسيده، فتجب زكاته
عليه.
3- ملك النصاب ملكاً تاماً مستقراً (2): وكونه فاضلاً عن الحاجات الضرورية
التي لا غنى للمرء عنها، كالمطعم، والملبس، والمسكن؛ لأن
الزكاة
__________
(1) أخرجه البخاري برقم (1454)، وذلك في الكتاب الذي كتبه
أبو بكر - رضي الله عنه - لأنس بن مالك لما وجهه إلى البحرين.
(2) ومعنى كونه
مستقراً: أي أنه ليس بعرضة للتلف، فإن كان عرضة للتلف وعدم التمكن فلا زكاة
فيه.
تجب
مواساة للفقراء، فوجب أن يعتبر ملك النصاب الذي يحصل به الغنى المعتبر، لقوله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة، وليس فيما دون
خمس ذود صدقة، وليس فيما دون خمس أواق صدقة) (1).
4- حولان الحول على المال:
وذلك بأن يمر على النصاب في حوزة مالكه اثنا عشر شهراً قمرياً؛ لقوله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول) (2).
وهذا
الشرط خاص ببهيمة الأنعام والنقدين وعروض التجارة، أما الزروع والثمار والمعادن
والركاز فلا يشترط لها الحول؛ لقوله تعالى: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ)
[الأنعام: 141]، ولأن المعادن والركاز مال مستفاد من الأرض، فلا يعتبر في وجوب
زكاته حول، كالزروع والثمار