أ- تعريف الإيلاء:
الإيلاء لغة: مأخوذ من الأليَّة بمعنى اليمين، يقال: آلى فلان
يُولي إيلاءً وأليَّة أي: أقسم.
وشرعاً: أن يحلف زوج بالله أو بصفة من صفاته
-وهو قادر على الوطء- على ترك وطء زوجته في قبلها أبداً، أو أكثر من أربعة
أشهر.
ب- دليله:
قوله تعالى: (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ
تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
(226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: 226،
227].
2- شروط الإيلاء:
أ- أن يكون من زوج يمكنه الوطء، فلا يصح من عاجز عن
الوطء لمرض لا يرجى برؤه، أو شلل، أو جبّ كامل.
ب- أن يحلف بالله أو صفة من
صفاته، لا بطلاق أو عتق أو نذر.
ج- أن يحلف على ترك الوطء أكثر من أربعة
أشهر.
د- أن يحلف على ترك الوطء في القُبل -الفرج-، فلو حلف على ترك الوطء في
الدبر لم يكن مولياً؛ لأنه لم يترك الوطء الواجب.
هـ- أن تكون الزوجة ممن يمكن
وطؤها، أما المرأة المتعذر وطؤها كالرَّتقاء (1) والقَرْنَاء (2)، فلا يصح الإيلاء
منها.
3- حكمه:
الإيلاء محرم في الإسلام؛ لأنه يمين على ترك واجب، فإذا أقسم
الزوج على عدم جماع زوجته أبداً أو أكثر من أربعة أشهر فهو مولٍ، فإن حصل منه وطء
لها
__________
(1) هي التي انضم فرجها والتصق فلا يمكن جماعها، من الرتق: ضد
الفتق.
(2) هي المرأة التي في فرجها مانع يمنع من ولوج الذكر فيه، إما غدّة
غليظة، أو لحمة ملتصقة، أو عظم.
وتكفير عن يمينه قبل انتهاء الأربعة أشهر فقد فاء، أي: رجع إلى فعل ما
تركه، والله يغفر له ما حصل منه، وان أبى أن يطأ بعد مضي المدة، وطلبت المرأة ذلك
منه، فإن الحاكم يأمره بأحد أمرين:
1- الرجوع عن يمينه ووطء زوجته، ويكفر عن
اليمين.
2- أو الطلاق، إن أبى إلا التمسك بيمينه.
فإن رفض الأمرين السابقين
فإن القاضي يطلق عليه، أو يفسخ؛ لأنه يقوم مقام المولي عند امتناعه، والطلاق تدخله
النيابة. فإن انقضت مدة الإيلاء، وبأحد الزوجين عذر يمنع الجماع، أمر الزوج أن يفيء
بلسانه فيقول: متى قدرت جامعتك؛ لأن القصد بالفيئة تَرْكُ ما قصده من الإضرار بها.
وألحق الفقهاء بالمولي في هذه الأحكام مَنْ ترك وطء زوجته إضراراً بها بلا يمين،
أكثر من أربعة أشهر، وهو غير معذور.
4- من أحكام الإيلاء:
- ينعقد الإيلاء من
كل زوج يصح طلاقه، مسلماً كان أم كافراً، حراً أم عبداً، ومن الغضبان والمريض، ومن
الزوجة التي لم يدخل بها؛ لعموم الآية.
- في هذا التشريع الحكيم من الله سبحانه
-بأمر المولي بالوطء أو الطلاق- إزالة للظلم والضرر عن المرأة، وإبطال لما كانوا
عليه في الجاهلية من إطالة مدة الإيلاء.
- لا ينعقد الإيلاء من مجنون، ومغمى
عليه؛ لعدم تصورهما ما يقولان، فالقصد معدوم منهما.