تنقسم هذه الشروط إلى أقسام ثلاثة:
1- شروط تتعلق بالذابح.
2- شروط تتعلق
بالمذبوح.
3- شروط تتعلق بآلة الذبح.
أولاً: الشروط المتعلقة بالذابح:
1-
أهلية الذابح: بأن يكون الذابح عاقلاً مميزاً، سواء أكان ذكراً أم أنثى، مسلماً أم
كتابيا. قال تعالى: (إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ) [المائدة: 3]، وهذه الآية في ذبيحة
المسلم. وقال تعالى: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ)
[المائدة: 5] وهذه الآية في ذبيحة الكتابي، قال ابن عباس: (طعامهم: ذبائحهم) (1).
أما سائر الكفار من غير أهل الكتاب، وكذا المجنون، والسكران، والصبي غير المميز،
فلا تحل ذبائحهم.
2- ألا يذبح لغير الله عز وجل أو على غير اسمه، فلو ذبح لصنم
أو مسلم أو نبي لم تحل؛ لقوله تعالى عند ذكر المحرم من الأطعمة: (وَمَا أُهِلَّ
لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) [المائدة: 3].
فإذا توافر هذان الشرطان في الذابح حلت
ذبيحته، لا فرق في الذابح بين أن يكون رجلاً أو امرأة، كبيراً أو صغيراً، حراً أو
عبداً.
ثانياً: الشروط المتعلقة بالمذبوح:
1- أن يقطع من الحيوان الحلقوم،
والمريء، والودجين. والحلقوم هو مجرى النفس. والمريء هو مجرى الطعام. والودجان هما
العِرقان المتقابلان المحيطان بالحلقوم؛ لحديث رافع بن خديج - رضي الله عنه - قال:
قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ما أنهر الدم وذكر اسم الله
عليه فكلوه، ليس السن والظفر) (2). فقد اشترط في الذبح
__________
(1) رواه
البخاري معلقاً، ووصله البيهقي (انظر: فتح الباري 9/552-553).
(2) رواه البخاري
برقم (5503)، ومسلم برقم (1968).
أن
يسيل الدم. والذبح بقطع الأشياء المشار إليها من الحيوان. وفي هذا المحل خاصة أسرع
في إسالة دمه وزهوق روحه، فيكون أطيب لِلَّحم، وأخف وأيسر على الحيوان. وما أصابه
سبب الموت كالمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع، وكذا المريضة،
وما وقع في شبكة، أو أنقذه من مهلكة: إذا أدركه وفيه حياة مستقرة -كتحريك يده، أو
رجله، أو طرف عينه- فذكاه فهو حلال؛ لقوله تعالى: (إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ)
[المائدة: 3] أي: فليس بحرام.
وأما ما عجز عن ذبحه في المحل المذكور، لعدم
التمكن منه، كالصيد، والنعم المتوحشة، والواقع في بئر ونحو ذلك، فذكاته بجرحه في أي
موضع من بدنه فيكون ذلك ذكاة له؛ لحديث رافع بن خديج المتقدم في البعير الذي نَدَّ
وشرد فأصابه رجل بسهم، فأوقفه، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
(ما ندَّ عليكم فاصنعوا به هكذا) (1).
2- أن يذكر اسم الله عز وجل عند الذبح؛
لقوله تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ
وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) [الأنعام: 121]، ويسن أن يكبر مع التسمية، لما روي عنه -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الأضحية أنه لما ذبحها (سمى وكبَّر)
(2).
وفي رواية: أنه كان يقول: (باسم الله، والله أكبر) (3).
ثالثاً: الشرط
المتعلق بآلة الذبح:
أن تكون الآلة مما يجرح بحدّه من حديد ونحاس وحجر، وغير ذلك
مما يقطع الحلقوم، وينهر الدم، عدا السن والظفر؛ لحديث رافع - رضي الله عنه - أن
رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (ما أنهر الدم وذكر اسم الله
عليه فكلوه، ليس السِّنَّ والظُّفْرَ) (4). ويدخل في حكم السن والظفر في المنع سائر
أنواع العظام، سواء أكانت من آدمي أم غيره.
__________
(1) تقدم تخريجه في ص
(406).
(2) صحيح مسلم (رقم 1966).
(3) صحيح مسلم برقم (1966)-18.
(4) تقدم
في الصفحة السابقة.
وسبب
المنع من ذلك ما ذكر في الحديث، وتمامه: (وسأحدثكم عن ذلك: أما السنُّ فعظم، وأما
الظفر فَمُدَى الحبشة).
أما النهي عن الذبح بالعظام: فلأنها تنجس بالدم، وقد نهى
النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن تنجيسها؛ لأنها زاد إخواننا من
الجن.
وأما الظفر: فللنهي عن التشبه بالكفار (1).