قال المصنف رحمه الله: وقد أطلق جماعة من أصحابنا المنع للنساء من دخول
الحمّام إلا من علّة، أو من مرض لا يصلحه إلا الحمام، أو لحاجة إلى الاغتسال لحيض
أو نفاس، أو لشدّة برد، وتعذر إسخان الماء في غيره، وما أشبه ذلك.
وهذا يصعب على
نساء هذا الزمان لما قد ألفن وربين عليه، ولا يصعب على العرب، ومَن لم يعرف
الحمّام.
والصواب أن نقول: إنما جاء هذا التشديد لمعنيين:
أحدهما: أنه دخول
إلى بيت أجنبي، وفي ذلك مخاطرة.
والثاني: أنه يتضمن كشف العورات، ولا يؤمن
الإطلاع عليها، ومتى أمنت المخاطرة، ورؤية العورات، وكانت ثَم حاجة جاز من غير
كراهية وإن لم يكن ثَمَّ حاجة كره لهن، لما ذكرنا.
وإذا احتاجت المرأة إلى
دخوله، وأمنت المخوف، فينبغي أن تدخل، ولا يحل لها أن ترى عورة امرأة، وأن لا ترى
امرأة عوراتها. وعورة المرأة في حق المرأة، كعورة الرجل في حق الرجل، من السرّة إلى
الركبة.
وعموم النساء الجاهلات لا يتحاشين من كشف العورة أو بعضها، والأم حاضرة
أو الأخت أو البنت، ويقلن هؤلاء ذوات قرابة.
فلتعلم
المرأة أنها إذا بلغت سبع سنين لم يجز لأمها ولا لأختها ولا لابنتها أن تنظر إلى
عورتها، وقد ذكر حد عورة المرأة مع المرأة.
ولهذا المعنى نقول: يجوز
للرجل أن يغسل الصبية إذا كان لها دون سبع سنين، لأن ذلك الزمان لا يثبت فيه حكم
العورة، فيجوز أن ترى، هذا قول أصحابنا، وقال ابن عقيل:
عندي أنه ما لم تتحرك
الشهوة بالنظر إليه في العادة، لا يعطى حكم العورات.
ولا تُباح خلوة النساء بالخصيان، ولا بالمجبوبين، لأن العضو وإن تعطل أو
عدم، فشهوة الرجال لا تزول من قلوبهم، فلا يؤمن التمتُّع بالقبلة وغيرها، وكذلك لا
تباح خلوة الفحل بالرتقاء من النساء لهذه العلة.
قال ابن عقيل: ووجدت لبعض
المفرعين من العلماء تفريعاً مليحاً، قال: وإذا كان الحيوان البهيم مما يشتهي
النساء، أو تشتهيه النساء، فقد قيل: إن القرد إذا خلا بالمرأة أو رآها نائمة يطلب
جماعها، وفي بعض النساء الشبقات مَن ربما دعته إلى نفسها.
فعلى هذا ينبغي أن
تصان الدور التي فيها النساء عن إدخال مثل هذا الحيوان