1 ـ
ذكر خديجة رضي الله عنها:
عن إسماعيل بن أبي خالد عن
ابن أوفى قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «بشر خديجة بنت خويلد ببيت
في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب».
عن عبد الله بن جعفر قال: سمعت علياً ـــ
عليه السلام ـــ يقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خير نسائها مريم بنت
عمران، وخير نسائها خديجة».
وعن عائشة ـــ رضي الله عنها ـــ قالت كان رسول الله
صلى الله عليه وسلّملا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة، فيحسن عليها الثناء،
فذكرها يوماً من الأيام، فأذكرتني الغيرة، فقلت: هل كانت إلا عجوزاً قد أخلف الله
لك خيراً منها؟ قالت: فغضب حتى اهتزّ مقدم شعره من الغضب، ثم قال: «لا والله، وما
أخلف الله لي خيراً منها، لقد آمنت بي إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس،
وواستني بمالها، إذ حرمني الناس، ورزقني الله أولادها، إذ حرمني أولاد النساء»،
قالت: فقلت بيني وبين نفسي: لا أذكرها بسوء أبداً.
2 ـ ذكر
فاطمة عليها السلام:
قال علي ـــ عليه السلام ـــ: «لقد تزوجت فاطمة وما لي ولها فراش غير
جلد كبش ننام عليه بالليل، ونضعه على الناضح بالنهار، وما لي ولها خادم غيرها، ولما
زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بي بعث معها بخميلة، ووسادة أدم حشوها ليف،
ورحائين، وسقاء، وجرتين، فجرّت بالرحى حتى أثرت في يدها، واستقت بالقربة حتى أثرت
القربة بنحرها، وقمّت البيت حتى أغبرت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى دنست
ثيابها».
3 ـذكر
عائشة رضي الله عنها
:
عن عائشة ـــ رضي الله عنها ـــ أنها قالت: يا رسول الله ألا تُكنّيني
قال: «تكني بابنك»، يعني عبد الله بن الزبير، فكانت تُكنى أم عبد الله».
ذكر
رؤية عائشة جبريل عليه السلام:
عن أبي سلمة قال: قالت عائشة: رأيت النبي صلى
الله عليه وسلّمواضعاً يده على معرفة فرس دحية الكلبي، وهو يكلمه، قالت: قلت: يا
رسول الله، رأيتك واضعاً يدك على معرفة فرس، وأنت تكلمه. قال: أوَ رأيته؟ قلت: نعم.
قال: «ذاك جبريل، هو يقرئك السلام»، قالت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، جزاه
الله من صاحب ودخيل خيراً، فنعم الصاحب، ونِعم الدخيل، قال سفيان: الدخيل:
الضيف.
ذكر تعبُّد
عائشة واجتهادها:
عن عبد الرحمن بن القاسم
عن أبيه حدّثه أن عائشة ـــ رضي الله عنها ـــ كانت تصوم الدهر ولا تفطر، إلا يوم
أضحى، أو يوم فطر.
وعن القاسم قال: كنت إذا غدوت أبدأ ببيت عائشة، وأسلِّم
عليها، فغدوت يوماً، فإذا هي قائمة تُسبح، وتقرأ: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا
وَوَقَنَا عَذَابَ السَّمُومِ } (الطور: 27)، وتدعو، وتبكي، وترددها، فقمت حتى
مللت، فذهبت إلى السوق لحاجتي، ثم رجعت، فإذا هي قائمة كما هي، تصلي، وتبكي.
ذكر
كرم عائشة رضي الله عنها:
عن عبد الله بن الزبير ـــ رضي الله عنهما ـــ قال: ما رأيت امرأتين قط
أجود من عائشة وأسماء، وجودهما مختلف، أما عائشة فكانت تجمع الشيء إلى الشيء، حتى
إذا اجتمع عندها قسمت، وأما أسماء فكانت لا تمسك شيئاً لغد.
ذكر مدح ابن عبَّاس
لأم المؤمنين عائشة ـــ رضي الله عنها ـــ:
عن عبد الله بن أبي مليكة أنه حدّثه
ذكوان حاجب عائشة أنه جاء عبد الله بن عباس يستأذن على عائشة ـــ رضي الله عنها ـــ
فجئت وعند رأسها ابن أخيها عبد الله بن عبد الرحمن، فقلت: هذا ابن عباس يستأذن.
فأكب عليها ابن أخيها عبد الله، فقال عبد الله: هذا ابن عباس، وهي تموت.
فقالت:
دعني من ابن عباس، فقال لها: يا أماه إن ابن عباس من صالحي بنيك، يسلِّم عليك
ويودِّعك. فقالت: أئذن له إن شئت، فأدخلته، فلما جلس قال: أبشري، فما بينك وبين أن
تلقي محمداً صلى الله عليه وسلّموالأحبة إلا أن تخرج الروح من الجسد، كنتِ أحب نساء
رسول الله صلى الله عليه وسلم الى رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولم يكن رسول الله
صلى الله عليه وسلم يحبّ إلا طيِّباً، وسقطت قلادتك ليلة الأبْواء، فأصبح رسول الله
صلى الله عليه وسلّمحتى تصبح في المنزل، وأصبح الناس ليس معهم ماء، فأنزل الله عز
وجل: {فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيّباً} (النساء: 43)، وكان ذلك في سبيلك، وما أنزل
لهذه الأمة من الرخصة، وأنزل براءتك من فوق سبع سموات جاء بها الروح الأمين، فأصبح
ليس مسجد من مساجد الله يذكر الله فيه، إلا تتلى فيه آناء الليل وآناء النهار،
فقالت: دعني منك يا ابن عباس، فوالذي نفسي بيده لوددت أني كنت نسياً
منسياً.
4 ـ ذكر حفصة
بنت عمر رضي الله عنها
:
قال المصنف رحمه الله: تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد غزوة
بدر، ثم إنه طلقها، فقال له جبريل: راجع حفصة، فإنها صوّامة قوّامة، وإنها زوجتك في
الجنة، وفي رواية أراد أن يطلقها، فقال له جبريل ذلك.
5 ـ ذكر
زينب رضي الله عنها :
عن أنس بن مالك قال:
كانت زينب بنت جحش تفخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلّمتقول: إنَّ الله أنكحني
من السماء، وأطعم عليها يومئذ خبزاً ولحماً. قال: وكان القوم جلوساً في البيت، فخرج
النبي صلى الله عليه وسلّم فلبث هنيهة، فرجع، والقوم جلوس، فشقَّ ذلك عليه، وعرف في
وجهه ذلك، فنزلت آية الحجاب.
6 ـ ذكر أم
سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلّم
عن ثابت قال: حدثني ابن أم
سلمة أن أبا سلمة جاء إلى أم سلمة فقال: لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه
وسلّمحديثاً أحب إليّ من كذا، لا أدري ما عدل به، سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول: «لا تصيب أحداً مصيبة فيسترجع عند ذلك، ويقول: اللهم عندك أحتسب مصيبتي
هذه، اللهم أخلفني فيها خيراً منها، إلا أعطاه الله عز وجل».
قالت أم سلمة: فلما
أُصبت بأبي سلمة، قلت: اللهم أخلفني فيها بخير منها، ثم قالت: من خير من أبي سلمة
أَلَيْس أَلَيْس، ثم قالت ذلك، فلما انقضت عدتها أرسل إليها أبو بكر يخطبها فأبت،
ثم أرسل إليها عمر يخطبها فأبت.
ثم أرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم
يخطبها، فقالت: مرحباً برسول الله، إنّ فيّ خلالاً ثلاثة، أنا امرأة شديدة الغيرة،
وأنا امرأة مصبية، وأنا امرأة ليس لي هاهنا أحد من أوليائي فيزوجني. فغضب عمر لرسول
الله صلى الله عليه وسلم أشد مما غضب لنفسه حين ردَّته، فأتاها عمر رضي الله عنه،
فقال: أنت التي تردّين رسول الله صلى الله عليه وسلم بما تردّينه؟ فقالت: يا ابن
الخطاب بي كذا وكذا.
فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أما ما ذكرت من
غيرتك فإني أدعو الله عز وجل أن يُذهبها عنك، وأما ما ذكرتِ من صبيتك فإنَّ الله عز
وجل سيكفيكهم، وأما ما ذكرت أنه ليس من أوليائك أحد شاهد، فليس من أوليائك أحد
شاهد، ولا غائب يكرهني».
فقالت لابنها: زوِّج رسول الله صلى الله عليه وسلّم
فزوَّجه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «أما إني لم أنقصك مما أعطيت فلانة،
قال ثابت: قلت لابن أم سلمة: ما أعطى فلانة؟ قال: أعطاها جرتين تضع فيهما حاجتها،
ورحى ووسادة من أدم حشوها ليف، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلّم ثم أقبل
رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيها، فلما رأته وضعت زينب أصغر ولدها في
حجرها.
فلما رآها انصرف، وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيها، فوضعتها في
حجرها، وأقبل عمار مسرعاً بين يدي النبي صلى الله عليه وسلّم فانتزعها من حجرها،
وقال: هاتي هذه المشقوحة التي قد منعت رسول الله صلى الله عليه وسلّمحاجته. فجاء
رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلم يرها في حجرها، قال: أين زينب؟ قالت: أخذها
عمار، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهله. قال: «وكانت في النساء كأنها
ليست فيهن، لا تجد ما تجدن من الغيرة».
7 ـ ذكر صفية
زوج النبي صلى الله عليه وسلّم
عن جابر «أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أتى بصفية يوم خيبر، وأتى برجلين: أحدهما زوجها، والآخر أخوها،
وقد كان أعطاهما الأمان على أن لا يكتما شيئاً، فإن كتماه استحلَّ دماءهما، فأما
أحدهما فصدّقه ولم يكتمه، وأما كنانة وهو زوج صفية، فكتمه مسك الجمل، وكان فيه حلي
كثير، كان بعيره من غطفان، ويرتهن به الرهان، فقال: يا كنانة، إنك قد أعطيتني ألا
تكتمني شيئاً، قال: أجل، قال: فأين مسك الجمل؟ قال: ما كتمتك شيئاً، فأتاه جبريل
ـــ عليه السلام ـــ فأخبره بمكانه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّملأصحابه:
اذهبوا فإنه في مكان كذا وكذا، فلما أتى به أمر بهما، فضربت أعناقهما.
وقال لبلال: خذ بيد صفية، فأخذ بيدها، فمرّ بها بين القتيلين، فكره ذلك
رسول الله صلى الله عليه وسلّمحتى رؤي في وجهه، ثم قام رسول الله صلى الله عليه
وسلم فدخل عليها، فنزعت شيئاً كانت عليه جالسة، فألقته لرسول الله صلى الله عليه
وسلّم ثم خيَّرها بين أن يعتقها فترجع إلى من بقي من أهلها، أو تسلم فيتخذها لنفسه،
فقالت: أختارُ الله ورسوله. فلما قالت ذلك، نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم
الناس أن انصرفوا عن أمكم، فلما كان عشية زواجه أحقب بعيره، ثم خرجت معه تمشي حتى
ثنى لها ركبته صلى الله عليه وسلم على فخذه، فأجلَّت رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن تضع قدمها على فخذه، فوضعت ركبتها على فخذه، فركبت، ثم ركب النبي صلى الله عليه
وسلّم فألقى عليها كساء، ثم سارا.
وقال المسلمون حجبها رسول الله صلى الله عليه
وسلّم حتى إذا كان على ستة أميال من خيبر مال يريد أن يعرّس بها، فأبت صفية، فوجد
النبي صلى الله عليه وسلّمعليها في نفسه، فلما كان بالصهباء مال إلى دومة هناك،
فطاوعته، فقال لها: ما حملك على إبائك حين أردتُ المنزل الأول؟ قالت: يا رسول الله،
خشيت عليك قرب اليهود. فأعرس بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصهباء، واغتسل
بالقصيبة على رأس ستة أميال، قال: وبات أبو أيوب ليلة يحرس رسول الله صلى الله عليه
وسلّم يدور حول خباء رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلما سمع رسول الله صلى الله
عليه وسلم الوطء، قال: من هذا؟ قال: أنا خالد بن زيد، فرجع إليه رسول الله صلى الله
عليه وسلّموقال له: ما لك؟ قال: ما نمت هذه الليلة مخافة هذه الجارية عليك. فأمره
رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع».
8 ـ ذكر أم
سليم:
عن أنس بن مالك قال: «خطب أبو طلحة أم سليم فقالت: ما مثلك يرد، ولكن لا
يحل لي أن أتزوجك يا أبا طلحة، وأنت كافر، فإن تسلم فذاك مهري، ولا أسألك غيره،
فأسلم، فتزوجها.
قال ثابت: فما سمعنا بمهر قط كان أكرم من مهر أم سليم، الإسلام.
وعن
أنس بن سيرين عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل على أم سليم،
فتبسط له النطع، فيقيل عندها، فتأخذ من عرقه، فتجعله في طيبها».
وعن أنس أن أبا
طلحة زوج أم سليم كان له ابن منها يقال له حفص، غلام قد ترعرع، فأصبح أبو طلحة وهو
صايم في بعض شغله، فأقبلت أم سليم على ذات بيتها، فخرج الغلام يلعب مع الصبيان،
فلما جاء الغلام الغداة اضطجع على فراش مزمل قطيفة، فلما صنعت أم سليم غداء بيتها،
جعلت تصرخ تناديه، فلا يستجيب لها، فلما رأت هذا شأنه، كشفت عن وجهه، فوجدته قد قبض
في منامه، فزمَّلته كهيئته، وأقبلت على ذات بيتها، حتى إذا أمست جاء زوجها أبو
طلحة، فقربت له فطره، فقال: ادعي لي ابني حفصاً يأكل معي، قالت: إنه قد فرغ. فلما
فرغ الشيخ من فطره دنت منه، حتى إذا أصاب ما يصيب الرجل من أهله وفرغ، قالت: يا أبا
طلحة، أرأيت لو أن رجلاً أعارك عارية، فاستمتعت بها زماناً، وقرت بها عينك، ثم بدا
له أن ينتزعها منك، أكنت واجداً عليه في نفسك؟ قال: لا وأبيك إذاً لقد ظلمت.
قالت: فإنَّ ابنك حفصاً أعاركه الله عز وجل ما شاء، ثم قد بدا له أن
ينتزعه، وهو أحق به. قال: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رجِعونَ} (البقرة:
156)، ثم قاما فجهّزاه حتى فرغا منه، فلما أصبحا ذكرا ذلك لرسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال: اللهم بارك لهما في ليلتهما، فحملت فجاءت بغلام فلما نفست قالت لابنها
أنس بن مالك: أي بني، احمله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فليحنِّكه، وليسمّه.
قالت: فاحتمله أنس ـــ رضي الله عنه ـــ إلى النبي صلى الله عليه وسلم في خرقة حتى
طلع به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو جالس في المسجد فقال: أنفست أم سليم؟
قال: نعم، وقد أرسلت به إليك لتحنّكه وتسميه. فسمّاه عبد الله، وأخذ تمرة فمضعها
فلاكها في فيه فحنكه بها، فجعل الصبي يتلمظ حين وجد حلاوة التمر، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلّم «حب الأنصار التمر».
9 ـ ذكر أم
حرام بنت ملحان:
عن إسحاق بن عبد الله بن
أبي طلحة عن أنس ـــ رضي الله عنه ـــ أنه سمعه يقول: «كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يدخل على أم حرام بنت ملحان، فتطعمه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت، فدخل
عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فأطعمته، ثم جلست تفلي رأسه، فنام رسول
الله صلى الله عليه وسلّمثم استيقظ، وهو يضحك.
قالت: ما يضحكك يا رسول الله؟
قال: ناس من أمتي عرضوا عليّ غزاة في سبيل الله، يركبون ثبج البحر، ملوكاً على
الأسرّة أو مثل الملوك على الأسرة ـــ يشكّ أيهما قال ـــ قالت: فقلت: يا رسول
الله، ادع الله ـــ عز وجل ـــ أن يجعلني منهم. قال: أنتِ من الأولين، فركبتْ أم
حرام البحر زمن معاوية، فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر
فهلكت».
10 ـ ذكر
أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها
:
أسلمت قديماً، وهي ذات النطاقين، وكانت تمرِّض المرضى، فتعتق كل
مملوك لها، وتوفيت بعد ابنها عبد الله بن الزبير بليال.
عن هشام عن أبيه قال: دخلت أنا وعبد الله بن الزبير على أسماء قبل قتل
عبد الله بعشر ليال، وأسماء وجعة، فقال لها عبد الله: كيف تجدينك؟ قالت: وجعة، قال:
إن في الموت راحة. فقالت: لعلك تشتهي موتي فلذلك تتمنَّاه، فلا تفعل، فوالله ما
أشتهي أن أموت حتى يأتي على أحد طرفيك، إما أن تُقتل فأحتسبك، وإمّا أن تظفر فتقرَّ
عيني، فإياك أن تعرض عليك خطة فلا توافقك، فتقبلها كراهية الموت.
وإنما عني ابن
الزبير أن يقتل، فيحزنها ذلك.
11 ـ ذكر
الربيع بنت معوذ بن عفراء:
عن خالد بن ذكوان عن
الربيع بنت معوذ بن عفراء، قالت: «كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم فنخدم
القوم، ونسقيهم، ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة».
12 ـ ذكر أم
الدحداح:
عن أنس أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنَّ
لفلان نخلة، وإنما قوام حائطي بها، فأمُرْه أن يعطيني حتى أقيم بها حائطي.
فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلّم «أعطها إياه بنخلة في الجنة» فأبى، فأتى أبو الدحداح
الرجل فقال: بعني نخلتك بحائطي. ففعل، فأتى أبو الدحداح النبي صلى الله عليه وسلم
فقال: يا رسول الله، إني قد ابتعتُ النخلة بحائطي، فاجعلها له فقد
أعطيتكها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم «كم من عذق رداح لأبي الدحداح في
الجنة»، قالها مراراً.
فأتى أبو الدحداح امرأته، فقال: يا أم الدحداح، اخرجي من
الحائط، فقد بعته بنخلة في الجنة. فقالت: ربح البيع ربح البيع، أو كلمة
تشبهها.
13 ـ ذكر أم
عطية:
عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية قالت: «غزوت مع النبي صلى الله عليه
وسلّمسَبْعَ غزوات، وكنت أخلُفُهم في الرحال، وأصنع لهم الطعام، وأقوم على المرضى،
وأداوي الجرحى».
14 ـ ذكر أم
كلثوم بنت عقبة بن أبي مُعَيط:
عن أبي إسحاق بن شهاب قال:
هاجرت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط في مدة الحديبية، فخرج أخواها عمارة والوليد
حتى قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلّم
قال الحربي: وحدثنا محمد بن صالح عن محمد بن عمر عن ربيعة بن عثمان
وقدامة، قالا: لا نعلم قرشية خرجت من بين أبويها مسلمة مهاجرة إلا أم
كلثوم.
قالت: كنت أخرج إلى بادية لنا فيها أهلي، ولا ينكرون ذهابي البادية حتى
أجمعت المسير، فخرجت يوماً من مكة كأني أريد البادية، فلما رجع من معي، إذا رجل من
خزاعة، قال: أين تريدين؟ قلت: ما مسألتك، مَنْ أنت؟ قال: رجل من خزاعة، فلما ذكر
خزاعة اطمأنت إليه لدخول خزاعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّموعقده، فقلت:
إني امرأة من قريش، وإني أريد اللحوق برسول الله صلى الله عليه وسلّم ولا علم لي
بالطريق. فقال: أنا صاحبك حتى أوردك المدينة.
ثم جاءني ببعير فركبته، فكان يقود
لي البعير، ولا والله ما يكلمني بكلمة حتى إذا أناخ البعير تنحّى عني، فإذا نزلت،
جاء إلى البعير، فقيّده بالشجرة، وتنحّى إلى فيء شجرة، حتى إذا كان الرواح أخرج
البعير فقرَّبه، وولَّى عني، فإذا ركبتُ، أخذ برأسه، فلم يلتفت وراءه حتى أنْزل،
فلم يزل كذلك حتى قدمنا المدينة، فجزاه الله من صاحب خيراً، فدخلت على أم سليم،
وأنا متنقبة فما عرفتني، حتى انتسبت، وكشفت النقاب، فالتزمتني، وقالت: هاجرت إلى
الله ورسوله، قلت: نعم، وأنا أخاف كما ردّ أبا جندل، وأبا بصير، وحال الرجل ليس
كحال النساء، والقوم مصبِّحي، قد طالت غيبتي عنهم، اليوم خمسة أيام منذ فارقتهم،
وهم يتحينون قدر ما كنت أغيب، ثم يطلبوني، فإن لم يجدوني رحلوا، فدخل رسول الله صلى
الله عليه وسلم على أم سليم، فأخبرته خبر أم كلثوم، فرحّب وسهّل.
فقلت: إني قد فررت إليك بديني، فامنعني ولا تردني لهم، يفتنوني
ويعذبوني، ولا صبر لي على العذاب، إنما أنا امرأة، وضعف النساء إلى ما تعرف، وقد
رأيتك رددت رجلين حتى امتنع أحدهما، فقال: إن الله ـــ عز وجل ـــ قد نقض العهد في
النساء، وحكم في ذلك بحكم رضوه كلهم، فكان يردّ من جاء من الرجال، ولا يردّ النساء،
فقدم أخواها الوليد وعمارة من الغد.
فقالا: أوف لنا بشرطنا، وما عاهدتنا عليه.
قال: «قد نقض الله ذلك»، فانصرفا.
قال المصنف ـــ رحمه الله ـــ قلت: وكانت أم
كلثوم عاتقاً حينئذ، فلما هاجرت تزوجت زيد بن حارثة، فقتل عنها، فتزوجها الزبير،
فولدت له زينب، ثم تزوجها عبد الرحمن بن عوف، فولدت له إبراهيم وحميداً، ثم تزوجها
عمرو بن العاص فماتت عنده.
15 ـ ذكر
امرأة من المهاجرات:
عن أنس ـــ رضي الله عنه
ـــ قال: «دخلنا على رجل من الأنصار، وهو مريض مقبل، فلم نبرح حتى مات، فبسطنا عليه
ثوبه، وأم له عجوز كبيرة عند رأسه، فالتفت إليها بعضُنا، فقال: يا هذه احتسبي
مصيبتك عند الله، قالت: وما ذاك، مات ابني؟ قلنا: نعم، قالت: أحق ما تقولون؟ قلنا:
نعم، فمدّت يدها إلى الله ـــ عز وجل ـــ فقالت: اللهم إنك تعلم أني أسلمت، وهاجرت
إلى رسولك رجاء أن تعينني عند كل شدة ورخاء، فلا تحملن عليّ هذه المصيبة اليوم،
قال: فكشف الثوب عن وجهه، فما برحنا حتى طعمنا معه» لفظ ابن
المهدي.
16 ـ امرأة
أخرى من المهاجرات:
عن ابن سيرين أن أبا بكر
ـــ رضي الله عنه ـــ أتى بمال فقسَّمه بين الناس، فبعث منه إلى امرأة من
المهاجرات، فلما أُتيتْ به قالت: ما هذا؟ قالوا: أبو بكر جاءه مال، فقسَّمه في
الناس، فقسم منه في نظرائك، فقالت: أتخافونني أن أدع الإسلام؟ قالوا: لا، قالت:
أفترشونني على ديني؟ قالوا: لا، قالت: لا حاجة لي فيه.
17 ـ
اليمنية:
عن أبي هريرة ـــ رضي الله عنه ـــ قال: جاءت امرأة من اليمن إلى النبي
صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ادع الله أن يشفيني، قال: «إنْ شئت دعوت
لك، وإن شئت فاصبري، ولا حساب عليك»، قالت: بل أصبر، ولا حساب عليَّ ـــ رحمها
الله.