شروط
وجوب التيمم:
يشترط
لوجوب التيمم ما يلي:
أ-
البلوغ، فلا يجب التيمم على الصبي لأنه غير مكلف.
ب-
القدرة على استعمال الصعيد.
جـ-
وجود الحدث الناقض. أما من كان على طهارة بالماء فلا يجب عليه
التيمم.
أما
الوقت فإنه شرط لوجوب الأداء عند البعض لا لأصل الوجوب، ومن ثم فلا يجب التيمم إلا
إذا دخل الوقت عندهم. فيكون الوجوب موسعاً في أوله ومضيقاً إذا ضاق
الوقت.
هذا
وللتيمم شروط وجوب وصحة معاً وهي:
أ-الإسلام:
فلا يجب التيمم على الكافر لأنه غير مخاطب، ولا يصح منه لأنه ليس أهلاً
للنية.
ب-انقطاع
دم الحيض والنفاس.
جـ-
العقل.
د-
وجود الصعيد الطهور.
فإن
فاقد الصعيد الطهور لا يجب عليه التيمم ولا يصح منه بغيره حتى ولو كان طاهراً فقط،
كالأرض التي أصابتها نجاسة ثم جفت، فإنها تكون طاهرة تصح الصلاة عليها، ولا تكون
مطهرة فلا يصح التيمم بها.
أركان
التيمم:
للتيمم
أركان وفرائض، والركن ما توقف عليه وجوب الشيء، وكان جزءاً من حقيقته، وبناء على
هذا قالوا: للتيمم ركنان هما:الضربتان، واستيعاب الوجه واليدين إلى المرفقين بالمسح
فقط. واختلفوا في النية هل هي ركن أم شرط؟
أ-النية:
ذهب
الجمهور
إلى أن النية عند مسح الوجه فرض.
وذهب
الحنفية
وبعض الحنابلة إلى أنها شرط.
ما
ينويه بالتيمم:
ذهب
الحنفية
إلى أنه: يشترط لصحة نية التيمم الذي تصح به الصلاة أن ينوي أحد أمور ثلاثة: إما
نية الطهارة من الحدث، أو استباحة الصلاة، أو نية عبادة مقصودة لا تصح بدون طهارة
كالصلاة، أو سجدة التلاوة، أو صلاة الجنازة عند فقد الماء.
وأما
عند وجوده إذا خاف فوتها فإنما تجوز به الصلاة على جنازة أخرى إذا لم يكن بينهما
فاصل. فإن نوى التيمم فقط من غير ملاحظة استباحة الصلاة، أو رفع الحدث القائم به،
لم تصح الصلاة بهذا التيمم، كما إذا نوى ما ليس بعبادة أصلاً كدخول المسجد، ومس
المصحف، أو نوى عبادة غير مقصودة لذاتها، كالأذان، والإقامة، أو نوى عبادة مقصودة
تصح بدون طهارة كالتيمم لقراءة القرآن، أو للسلام، أو ردّهِ من المحدث حدثاً أصغر،
فإن تيمم الجنب لقراءة القرآن صح له أن يصلي به سائر الصلوات، وأما تعيين الحدث أو
الجنابة فلا يشترط عندهم، ويصح التيمم بإطلاق النية، ويصح أيضاً بنية رفع الحدث،
لأن التيمم رافع له كالوضوء.
ويشترط
عندهم لصحة النية: الإسلام، والتمييز، والعلم بما ينويه، ليعرف حقيقة
المنوي.
وذهب
المالكية
إلى أنه ينوي بالتيمم استباحة الصلاة أو فرض التيمم، ووجب عليه وملاحظة الحدث
الأكبر إن كان عليه بأن ينوي استباحة الصلاة من الحدث الأكبر، فإن لم يلاحظه بأن
نسيه أو لم يعتقد أنه عليه لم يجزه وأعاد تيممه، هذا إذا لم ينو فرض التيمم، أما
إذا نوى فرض التيمم فيجزيه عن الأكبر والأصغر وإن لم يلاحظ، ولا يصلى فرض عند
المالكية بتيمم نواه لغيره.
وذهب
الشافعية
إلى إنه ينوي استباحة الصلاة ونحوها مما تفتقر استباحته إلى طهارة. كطواف، وحمل
مصحف، وسجود تلاوة، ولو تيمم بنية الاستباحة ظاناً أن حدثه أصغر فبان أكبر أو عكسه
صح، لأن موجبهما واحد، وإن تعمد لم يصح في الأصح لتلاعبه. فلو أجنب في سفره ونسي،
وكان يتيمم وقتاً، وتوضأ وقتاً، أعاد صلاة الوضوء فقط.
ولا
تكفي عند الشافعية نية رفع الحدث الأصغر، أو الأكبر، أو الطهارة عن أحدهما، لأن
التيمم لا يرفعه لبطلانه بزوال مقتضيه، ولقوله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص
وقد تيمم عن الجنابة من شدة البرد: "يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ [رواه
البخاري].
ولو
نوى فرض التيمم، أو فرض الطّهر، أو التيمم المفروض، أو الطهارة عن الحدث أو الجنابة
لم يكف في الأصح لأن التيمم ليس مقصوداً في نفسه، وإنما يؤتى به عن ضرورة،فلا يجعل
مقصوداً، بخلاف الوضوء.
والقول
الثاني عندهم: يكفي كالوضوء ويجب قرن النية بنقل الصعيد الحاصل بالضرب إلى الوجه،
لأنه أول الأركان، وكذا يجب استدامتها إلى مسح شيء من الوجه على الصحيح. فلو زالت
النية قبل المسح لم يكف،لأن النقل وإن كان ركناً فهو غير مقصود في
نفسه.
وذهب
الحنابلة
إلى أنه ينوي استباحة ما لا يباح إلا بالتيمم، ويجب تعيين النية لما تيمم له كصلاة،
أو طواف، أو مس مصحف من حدث أصغر أو أكبر أو نجاسة على بدنه، لأن التيمم لا يرفع
الحدث وإنما يبيح الصلاة، فلا بد من تعيين النية تقوية
لضعفه.
وصفة
التعيين: أن ينوي الاستباحة صلاة الظهر مثلاً من الجنابة إن كان جنباً، أو من الحدث
إن كان محدثاً، أو منهما إن كان جنباً محدثاً، وما أشبه ذلك.
وإن
التيمم لجنابة لم يجزه عن الحدث الأصغر، لأنهما طهارتان فلم تؤد إحداهما بنية
الأخرى. ولا يصح التيمم بنية رفع حدث لأن التيمم لا يرفع الحدث عند الحنابلة
كالمالكية والشافعية، لحديث أبي ذر: "فإذا وجد الماء فليمسه بشرته، فإن ذلك
خير" [أخرجه أبو داود].
نية
التيمم لصلاة النفل وغيره:
ذهب
الشافعية والحنابلة
إلى أن من نوى بتيممه فرضاً ونفلاً صلى به الفرض والنفل، وإن نوى فرضاً ولم يعين
فيأتي بأي فرض شاء، وإن عين فرضاً جاز له فعل فرض واحد غيره، وإن نوى الفرض استباح
مثله وما دونه من النوافل، وذلك لأن النفل أخف، ونية الفرض
تتضمنه.
أما
إذا نوى نفلاً أو أطلق النية كأن نوى استباحة الصلاة بلا تعيين فرض أو نفل لم يصل
إلا نفلاً، لأن الفرض أصل والنفل تابع فلا يجعل المتبوع تابعاً، وكما إذا أحرم
بالصلاة مطلقاً بغير تعيين فإن صلاته تنعقد نفلاً والمالكية كالشافعية
والحنابلة إلا أنهم صرحوا بوجوب نية الحدث الأكبر إن كان عليه حال نية استباحة
الصلاة، فإن لم يلاحظه بأن نسيه أو لم يعتقد أن الحدث الأكبر عليه لم يجزه وأعاد
أبداً.
ويندب
عند المالكية
نية الحدث الأصغر إذا نوى استباحة الصلاة، أو استباحة ما منعه الحدث، ولكن لو نوى
فرض التيمم فلا تندب نية الأصغر ولا الأكبر، لأن نية الفرض تجزىء عن كل
ذلك.
وإذا
تيمم لقراءة قرآن ونحو ذلك لا يجوز للمتيمم أن يصلي به.
وذهب
الحنفية
إلى جواز صلاة الفرض والنفل سواء نوى بتيممه الفرض أو النفل، لأن التيمم بدل مطلق
عن الماء، وهو رافع للحدث أيضاً عندهم.
ب-
مسح الوجه واليدين:
اتفق
الفقهاء على أن من أركان التيمم مسح الوجه واليدين، لقوله تعالى {فَامْسَحُوا
بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة:6].
وذهب
الشافعية والحنابلة
إلى أن مسح الوجه فرض، ومسح اليدين فرض آخر. ولكن ذهب المالكية إلى أن الفرض
الأول هو الضربة الأولى، والفرض الثاني هو تعميم مسح الوجه
واليدين.
وذهب
الحنفية والشافعية
إلى أن المطلوب في اليدين هو مسحهما إلى المرفقين على وجه الاستيعاب كالوضوء. لقيام
التيمم مقام الوضوء فيحمل التيمم على الوضوء ويقاس عليه.
وذهب
المالكية والحنابلة
إلى أن الفرض مسح اليدين في التيمم إلى الكوعين، ومن الكوعين إلى المرفقين سنة،
لحديث عمار بن ياسر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بالتيمم للوجه والكفين".
[رواه البخاري ومسلم].
ثم
إن المفروض عند الحنفية والشافعية ضربتان: ضربة للوجه وضربة
لليدين.
وذهب
المالكية والحنابلة
إلى أن الضربة الأولى فرض، والثانية سنة.
واتفق
الفقهاء
على إزالة الحائل عن وصول التراب إلى العضو الممسوح كنزع خاتم ونحوه بخلاف الوضوء.
وذلك لأن التراب كثيف ليس له سريان الماء وسيلانه.
ومحل
الوجوب عند الشافعية في الضربة الثانية ويستحب في الأولى، ويجب النزع عند
المسح لا عند نقل التراب.
وذهب
الحنفية والمالكية
إلى وجوب تخليل الأصابع بباطن الكف أو الأصابع كي يتم المسح.
والتخليل
عند الشافعية والحنابلة مندوب احتياطاً. وأما إيصال التراب إلى منابت الشعر
الخفيف فليس بواجب عندهم جميعاً لما فيه من العسر بخلاف
الوضوء.
جـ-
الترتيب:
ذهب
الحنفية والمالكية
إلى أن الترتيب في التيمم بين الوجه واليدين ليس بواجب بل مستحب، لأن الفرض الأصلي
المسح، وإيصال التراب وسيلة إليه فلا يجب الترتيب في الفعل الذي يتم به
المسح.
وذهب
الشافعية
إلى أن الترتيب فرض كالوضوء.
وذهب
الحنابلة
إلى أن الترتيب فرض عندهم في غير حدث أكبر، أما التيمم لحدث أكبر ونجاسة ببدن فلا
يعتبر فيه ترتيب.
د-الموالاة:
ذهب
الحنفية والشافعية
إلى أن الموالاة في التيمم كما في الوضوء، وكذا تسن الموالاة بين التيمم
والصلاة.
وذهب
المالكية والحنابلة
إلى أن الموالاة في التيمم عن الحدث الأصغر فرض، وأما عن الحدث الأكبر فهي فرض
عند المالكية دون الحنابلة.
وزاد
المالكية
وجوب الموالاة بين التيمم وبين ما يفعل له من صلاة ونحوها