ما
يترتب على الحيض:
(1) البلوغ:
اتفق
الفقهاء
على أن الحيض علامة من علامات البلوغ التي يحصل بها التكليف، فإذا رأت المرأة الدم
في زمن الإمكان، فأصبحت بالغة مكلفة يجب عليها ما يجب على البالغات
المكلفات.
(2) التطهر:
صرح
الحنفية والمالكية والشافعية
بأنه لا تصح طهارة الحائض، فإذا اغتسلت الحائض لرفع حدث الجنابة، فلا يصح
غسلها.
وذهب
الحنابلة
إلى أن الحائض إن اغتسلت للجنابة زمن حيضها صح غسلها، واستحب تخفيفاً للحدث، ويزول
حكم الجنابة. لأن بقاء أحد الحدثين لا يمنع ارتفاع الآخر.
غسل
الحائض:
اتفق
الفقهاء
على أن الحيض موجب من موجبات الغسل، فإذا انقطع الدم وجب على المرأة أن تغتسل
لاستباحة ما كانت ممنوعة منه بالحيض.
وغسل
الحيض كغسل الجنابة، ويستحب للمغتسلة من الحيض غير المحرمة والمحدة تطييب موضع
الدم.
طهارة
الحائض:
لا
خلاف بين الفقهاء في طهارة جسد الحائض، وعرقها، وسؤرها، وجواز أكل طبخها وعجنها،
وما مسته من المائعات، والأكل معها ومساكنتها.
(3)الصلاة:
اتفق
الفقهاء على عدم صحة الصلاة من الحائض، إذ الحيض مانع لصحتها. كما أنه يمنع وجوبها،
ويحرم عليها أداؤها.
وصرح
الحنفية والشافعية والحنابلة
بأن سجود التلاوة والشكر في معنى الصلاة فيحرمان على الحائض.
كما
اتفق الفقهاء على أن قضاء ما فات الحائض في أيام حيضها ليس
بواجب.
إدراك
وقت الصلاة:
الحائض
إما أن تدرك أول وقت الصلاة بأن تكون طاهراً قم يطرأ الحيض، أو تدرك آخر الوقت بأن
تكون حائضاً ثم تطهر.
(أ)
إدراك أول الوقت:
اختلف
الفقهاء فيما إذا أدركت الحائض أول الوقت، بأن كانت طاهراً ثم حاضت هل تجب عليها
تلك الصلاة أولاً.
فذهب
الحنفية
إلى أنه إن طرأ الحيض في أثناء الوقت سقطت تلك الصلاة، ولو بعد ما افتتحت
الفرض.
أما
لو طرأ وهي في التطوع، فإنه يلزمها قضاء تلك الصلاة.
وذهب
المالكية
إلى أنه إن حدث الحيض في وقت مشترك بين الصلاتين سقطت الصلاتان، وإن حدث في وقت
مختص بإحداهما، سقطت المختصة بالوقت وقضيت الأخرى.
وذهب
الشافية
إلى أنه إن طرأ الحيض في أول الوقت، فإنه تجب عليها تلك الصلاة فقط إن أدركت قدر
الفرض، ولا تجب معها الصلاة التي تجمع معها بعدها، ويجب الفرض الذي قبلها أيضاً، إن
كانت تجمع معها وأدركت قدره ولم تكن قد صّلته لتمكنها من فعل
ذلك.
وذهب
الحنابلة
إلى أنه إن أدركت المرأة من أول الوقت قدر تكبيرة، ثم طرأ الحيض لزمها قضاء تلك
الصلاة التي أدركت التكبيرة من وقتها فقط، لأن الصلاة تجب بدخول أول الوقت على
مكلف، لم يقم به مانع وجوباً مستقراً، فإذا قام به مانع بعد ذلك لم يسقطها. فيجب
قضاؤها عند زوال المانع.
(ب)
إدراك آخر الوقت:
اختلف
الفقهاء في مقدار الوقت الذي تدرك فيه الحائض الصلاة إن طهرت. فذهب الحنفية
إلى التفريق بين انقطاع الدم لأكثر الحيض، انقطاعه قبل أكثر الحيض بالنسبة
للمبتدأة، وانقطاع دم المعتادة في أيام عادتها أو بعدها، أو قبلها بالنسبة
للمعتادة.
فإن
كان انقطاع الدم لأكثر الحيض في المبتدأة، فإنه تجب عليها الصلاة لو بقي من الوقت
مقدار تحريمه، وإن بقي من الوقت ما يمكنها الاغتسال فيه أيضا، فأنه يجب أداء
الصلاة. فإن لم يبق من الوقت هذا المقدار فلا قضاء ولا أداء. فالمعتبر عندهم الجزء
الأخير من الوقت بقدر التحريمة. فلو كانت فيه طاهرة وجبت الصلاة وإلا
فلا.
وذهب
المالكية
إلى أن الحائض تدرك الصلاة إذا بقي من الوقت ما يسع ركعة تامة، وذلك في صلاة الصبح
والعصر والعشاء، فإذا طهرت الحائض قبل الطلوع، أو الغروب، أو الفجر بقدر ركعة،
فإنها تجب عليها تلك الصلاة، ولا تدرك بأقل من ركعة على المشهور، وتدرك الظهر
والمغرب إذا بقي من وقتها الضروري ما يسع فضل ركعة على الصلاة الأولى لا الثانية،
فإذا طهرت الحائض وقد بقي من الليل قدر أربع ركعات صلت المغرب والعشاء، لأنه إذا
صلت المغرب بقيت ركعة للعشاء.
وذهب
الشافعية والحنابلة
إلى أن الصلاة تجب على الحائض إذا طهرت وقد أدركت من آخر الوقت قدر تكبيرة، فيجب
قضاؤها فقط إن لم تجمع مع التي قبلها، وقضاؤها وقضاء ما قبلها إن كانت تجمع، فإذا
طهرت قبل طلوع الشمس، وبقي من الوقت ما يسع تكبيرة لزمها قضاء الصبح فقط، لأن التي
قبلها لا تجمع إليها. وإن طهرت قبل غروب الشمس بمقدار تكبيرة لزمها قضاء الظهر
والعصر، وكذا إن طهرت قبل طلوع الفجر بمقدار تكبيرة لزمها قضاء المغرب
والعشاء،.
(4) الصوم
اتفق
الفقهاء على تحريم الصوم على الحائض مطلقاً فرضاً أو نفلاً، وعدم صحته منها. كما
اتفق الفقهاء على وجوب قضاء رمضان عليها.
إدراك
الصوم:
لا
خلاف بين الفقهاء في أنه إذا انقطع دم الحيض بعد الفجر، فإنه لا يجزيها صوم ذلك
اليوم ويجب عليها قضاؤه، ويجب عليها الإمساك حينئذ عند الحنفية
والحنابلة.
وعند
المالكية يجوز لها التمادي على تعاطي المفطر ولا يستحب لها
الإمساك.
وعند
الشافعية لا يلزمها الإمساك.
كما
اتفق الفقهاء على أنه إذا طهرت المرأة قبل الفجر، فإنه يجب عليها صوم ذلك
اليوم.
(5) الحج:
1- أغسال
الحج:
اتفق
الفقهاء على سنية أغسال الحج للحائض، لحديث عائشة: قالت: قدمت
مكة
وأنا
حائض، ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة. قالت: فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فقال: "افعلي كما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى
تطهري"[أخرجه البخاري].
فيسن
لها أن تغتسل للإحرام، ولدخول مكة. وللوقوف بعرفة وغيرها من الأغسال
المسنونة.
ب-
الطواف:
لا
خلاف بين الفقهاء في أن الحيض لا يمنع شيئاً من أعمال الحج إلا
الطواف.
أ-
قراءة القرآن:
اختلف
الفقهاء في حكم قراءة الحائض للقرآن، فذهب جمهور الفقهاء -الحنفية والشافعية
والحنابلة- إلى حرمة قراءتها للقرآن لقوله النبي صلى الله عليه وسلم "لا تقرأ
الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن" [أخرجه الترمذي ].
وهناك
تفصيلات بيانها فيما يلي:
قال
الحنفية:
فلو قرأت الفاتحة على وجه الدعاء، أو شيئاً من الآيات التي فيها
معنى
الدعاء،
ولم ترد القراءة لا بأس به، وصرحوا أن ما ليس فيه معنى الدعاء كسورة المسد، لا تؤثر
فيه نية الدعاء فيحرم، وقد أجازوا للمعلمة الحائض تعليم القرآن كلمة كلمة، وذلك بأن
تقطع بين كل كلمتين.
ومذهب
الشافعية
حرمة قراءة القرآن للحائض ولو بعض آية، كحرف للإخلال بالتعظيم سواء أقصدت مع ذلك
غيرها أم لا، وصرحوا بجواز إجراء القرآن على قلبها من غير تحريك اللسان، وجواز
النظر في المصحف، وإمرار ما فيه في القلب، وكذا تحريك لسانها وهمسها بحيث لا تسمع
نفسها، لأنها ليست بقراءة قرآن. ويجوز لها قراءة ما نسخت
تلاوته.
ومذهب
الحنابلة
أنه يحرم عليها قراءة آية فصاعداً، ولا يحرم عليها قراءة بعض آية، لأنه لا إعجاز
فيه، وذلك ما لم تكن طويلة.
وذهب
المالكية
إلى أن الحائض يجوز لها قراءة القرآن في حال استرسال الدم مطلقاً، كانت جنباً أم
لا، خافت النسيان أم لا. وأما إذا انقطع حيضها، فلا تجوز لها القراءة حتى تغتسل
جنباً كانت أم لا، إلا أن تخاف النسيان.
هذا
هو المعتمد عندهم، لأنها قادرة على التطهر في هذه الحالة.
(ب)
مس المصحف وحمله:
اتفق
الفقهاء على أنه يحرم على الحائض مس المصحف من حيث الجملة لقوله تعالى: {لا
يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة 79].
واستثنى
المالكية
من ذلك المعلمة والمتعلمة فإنه يجوز لها مس المصحف.
دخول
المسجد:
اتفق
الفقهاء على حرمة اللبث في المسجد للحائض.
واتفقوا
على جواز عبورها للمسجد دون لبث في حالة الضرورة والعذر، كالخوف من السبع قياساً
على الجنب لقوله تعالى:
{وَلا
جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ}
[النساء: 43] واللص والبرد والعطش.
ويرى
الحنفية والمالكية حرمة دخولها المسجد مطلقاً سواء للمكث أو للعبور، واستثنى
الحنفية من ذلك دخولها للطواف.
وذهب
الشافعية والحنابلة
إلى حرمة مرورها في المسجد إن خافت تلويثه بالنجاسة لأن تلويثه بالنجاسة
محرم.
الاستمتاع
بالحائض:
اتفق
الفقهاء على حرمة وطء الحائض في الفرج لقوله تعالى: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ
فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة:
222].
واختلف
الفقهاء في الاستمتاع بما بين السرة والركبة، فذهب جمهور الفقهاء
-الحنفية
والمالكية والشافعية-
إلى حرمة الاستمتاع بما بين السرة والركبة، لحديث عائشة رضي الله عنها. قالت: "كانت
إحدانا إذا كانت حائضاً فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباشرها أمرها أن
تتزر ثم يباشرها. قالت: وأيكم يملك إربه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يملك
إربه [أخرجه: البخاري]
وقد
أجاز الحنفية والشافعية الاستمتاع بما بين السرة والركبة من وراء
حائل.
ومنعه
المالكية. كما منع الحنفية
النظر إلى ما تحت الإزار، وصرح المالكية والشافعية بجوازه ولو
بشهوة.
كفارة
وطء الحائض:
نص
الشافعية
على أن وطء الحائض في الفرج كبيرة من العامد المختار العالم بالتحريم، ويكفر
مستحله.
وعند
الحنفية لا يكفر مستحله لأنه حرام لغيره.
واستحب
الحنفية والشافعية أن يتصدق بدينار إن كان الجماع في أول الحيض وبنصفه إن
كان في آخره.
وطء
الحائض بعد انقطاع الحيض:
ذهب
جمهور الفقهاء -المالكية والشافعية والحنابلة- إلى أنه لا يحل وطء الحائض
حتى تطهر -ينقطع الدم- وتغتسل. فلا يباح وطؤها قبل الغسل.
طلاق
الحائض:
اتفق
الفقهاء على أن إيقاع الطلاق في فترة الحيض حرام، وهو أحد أقسام الطلاق البدعي الذي
نهى الشارع عنه.
كما
ذهب جمهور الفقهاء إلى وقوع الطلاق في زمن الحيض، لأن النبي صلى الله عليه
وسلم أمر عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما بالمراجعة، وهي لا تكون إلا بعد
وقوع الطلاق.
وذهب
الحنفية والمالكية
إلى وجوب مراجعتها، وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن مراجعتها
سنة.
خلع
الحائض:
ذهب
جمهور الفقهاء -الحنفية والشافعية والحنابلة- إلى جواز الخلع في زمن الحيض
لإطلاق قوله تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}
[البقرة: 229]. ولحاجتها إلى الخلاص بالمفارقة حيث افتدت
بالمال.
ما
يحل بانقطاع الدم:
إذا
انقطع دم الحيض لم يحل مما حرم غير الصوم والطلاق، ولم يبح غيرهما حتى تغتسل وإنما
أبيح الصوم والطلاق بالانقطاع دون الغسل، أما الصوم فلأن تحريمه بالحيض لا بالحدث
بدليل صحته من الجنب، وقد زال.
أحكام
عامة:
1- إنزال
ورفع الحيض بالدواء:
صرح
الحنابلة
بأنه يجوز للمرأة شرب دواء مباح لقطع الحيض إن أمن الضرر، وقيّدوا ذلك بإذن
الزوج.
كما
صرحوا بأنه يجوز للمرأة أن تشرب دواء مباحاً لحصول الحيض، إلا أن يكون لها غرض محرم
شرعاً كفطر رمضان فلا يجوز.
وقد
صرح الحنفية بأنه إذا شربت المرأة دواء فنزل الدم في أيام الحيض فإنه حيض وتنقضي به
العدة.
2- ادعاء
الحيض:
ذهب
الحنفية والحنابلة إلى أنه إذا ادعت المرأة الحيض وأمكن ذلك قبل قولها وجوباً،
لأنها مؤتمنة فيحرم وطؤها حينئذ وإن كذبها، وقيد الحنفية ذلك مما إذا كانت عفيفة أو
غلب على الظن صدقها، أما لو كانت فاسقة ولم يغلب على الظن صدقها بأن كانت في غير
أوان الحيض فلا يقبل قولها اتفاقاً.
وذهب
الشافعية
إلى أنها إن أخبرته بالحيض فإنه يحرم عليه مباشرتها إن صدقها وإلا فلا، وإذا صدقها
وادعت دوامه صدقت