إخراج
الزكاة:
من وجبت
عليه الزكاة إما أن يخرجها بإعطائها مباشرة إلى الفقراء وسائر المستحقين، وإما أن
يدفعها إلى الإمام ليصرفها في مصارفها.
الزكاة فريضة من فرائض
العبادات، كالصلاة، ولذلك فإن النية شرط فيها عند عامة العلماء ولأن إخراج المال
لله يكون فرضاً ويكون نفلاً، فافتقرت الفريضة إلى النية لتمييزها عن
النفل.
ومعنى النية: المشترطة
في الزكاة أن يقصد بقلبه أن ما يخرجه هو الزكاة الواجبة عليه في ماله، وإن كان يخرج
عمن تحت يده من صبي أو مجنون أن يقصد أنها الزكاة الواجبة عليهما. ويعتبر أن يكون
الناوي مكلفاً، لأنها فريضة.
وينوي عند دفعها إلى
الإمام أو إلى مستحقها، أو قبل الدفع بقليل.
فإن نوى بعد الدفع لم
يجزئه على ما صرح به المالكية والشافعية.
أما عند
الحنفية فالشرط مقارنة النية
للأداء ولو حكماً، كما لو دفع بلا نية ثم نوى والمال لا يزال قائماً في ملك الفقير
بخلاف ما إذا نوى بعدما استهلكه الفقير او باعه فلا تجزئ عن
الزكاة.
وذهب الحنفية
والمالكية والشافعية: إن عزل الزكاة عن
ماله ونوى عند العزل أنها زكاة كفى ذلك، ولو لم ينو عند الدفع، لأن الدفع يتفرق،
فيتحرج باستحضار النية عند كل دفع، فاكتفي بذلك، للحرج.
وإن دفع الزكاة إلى
وكيله ناوياً أنها زكاة كفى لك، والأفضل أن ينوي الوكيل أيضاً عند الدفع إلى
المستحقين أيضاً ولا تكفي نية الوكيل وحده.
ذهب الشافعية
والحنابلة إلى أنه لو دفع
الإنسان كل ماله إلى الفقراء تطوعاً بعدما وجبت فيه الزكاة لم تسقط عنه الزكاة، بل
تبقى في ذمته، لأنه لم ينو الفرض.
وذهب
الحنفية: إلى أنه تسقط عنه
الزكاة في هذه الحال استحساناً لأنه لما أدى الكل زالت المزاحمة بين الجزء المؤدى
وسائر الأجزاء، وبأداء الكل لله تعالى تحقق أداء الجزء
الواجب.
ولا يجب تعيين المال
المخرج عنه، لكن لو عينه تعين.
فلو أخرج الزكاة ونوى
عن ماله الغائب الذي لا يعلم سلامته جاز، لأن الأصل بقاؤه ثم إن تبينت سلامته
أجزأه، وإن تبين تلفه لم يجز أن يصرف الزكاة إلى مال آخر، وإن نوى عن مالي الغائب
أو الحاضر، فتبين تلف الغائب أجزأت عن الحاضر، وإن نوى بالمخرج أن يكون زكاة المال
الموروث الذي يشك في موت مورثه لم تجزئه، لأنه متردد والأصل عدم الموت.
ولا يشترط علم آخذ
الزكاة أنها زكاة.
تعجيل الزكاة عن وقت
الوجوب:
ذهب جمهور
الفقهاء ومنهم الحنفية
والشافعية والحنابلة، إلى أنه يجوز للمزكي تعجيل إخراج زكاة ماله قبل ميعاد وجوبها،
لما ورد "أن العباس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحل،
فرخص له في ذلك" رواه الترمذي. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: "إنا قد إخذنا
زكاة العباس عام الأول للعام" رواه الترمذي.
وذهب
الشافعية إلى أنه: يجوز
التعجيل لعام واحد ولا يجوز لعامين في الأصح لأن زكاة العام الثاني لم ينعقد
حولها.
واشترطوا لجواز ذلك أن
يكون النصاب موجوداً، فلا يجوز تعجيل الزكاة قبل وجود النصاب، بغير خلاف، وذلك لأن
النصاب سبب وجوب الزكاة، والحول شرطها ولا يقدم الواجب قبل سببه، ويجوز تقديمه قبل
شرطه، كإخراج كفارة اليمين بعد الحلف وقبل الحنث، وكفارة القتل بعد الجرح وقبل
الزهوق.
وذهب
الحنفية إلى أنه: إن كان
مالكاً لنصاب واحد جاز أن يعجل زكاة نصب كثيرة لأن اللاحق تابع
للحاصل.
وذهب
الشافعية إلى إجازة ذلك في مال
التجارة لأن النصاب فيها عندهم مشترط في آخر الحول فقط لا في أوله ولا في
أثنائه.
وقال
الحنابلة: إن ملك نصاباً فقدم
زكاته وزكاة ما قد يستفيده بعد ذلك فلا يجزئه عندهم.
وقال الحنفية، وهو
المعتمد عند الشافعية: إن قدم زكاته وزكاة
ما قد ينتج منه، أو يربحه منه، أجزأه لأنه تابع لما هو مالكه
الآن.
وذهب
المالكية إلى أنه إن أخرج زكاة
الثمار أو الزروع قبل الوجوب، بأن دفع الزكاة من غيرها لم يصح ولم تجزئ عنه. وكذا
لا تجزئ زكاة الماشية إن قدمها وكان هناك ساع يأتي لقبضها فأخرجها قبل قدومه. أما
زكاة العين والماشية التي ليس لها ساع فيجوز تقديمها في حدود شهر واحد لا أكثر،
وهذا على سبيل الرخصة، وهو مع ذلك مكروه والأصل عدم الإجزاء لأنها عبادة موقوتة
بالحول.
تأخير إخراج الزكاة عن
وقت وجوبها:
ذهب جمهور العلماء
(الشافعية والحنابلة) إلى أن الزكاة متى
وجبت، وجبت المبادرة بإخراجها على الفور، مع القدرة على ذلك وعدم الخشية من ضرر.
واحتجوا بأن الله
تعالى أمر بإيتاء الزكاة، ومتى تحقق وجوبها توجه الأمر على المكلف بها، والأمر
المطلق يقتضي الفور عندهم، ولأنه لو جاز التأخير لجاز إلى غير غاية فتنتفي العقوبة
على الترك، ولأن حاجة الفقراء ناجزة، وحقهم في الزكاة ثابت، فيكون تأخيرها منعاً
لحقهم في وقته. وسئل أحمد: إذا ابتدأ في إخراجها فجعل يخرجها أولاً فأولاً؟ قال:
لا، بل يخرجها كلها إذا حال الحول. وقال: لا يجري على أقاربه من الزكاة كل شهر، أي
مع التأخير.
ثم قال الشافعية
والحنابلة: ويجوز التأخير لعذر. ومما ذكره الشافعية من الأعذار: أن يكون المال
غائباً فيهمل إلى مضي زمن يمكن فيه إحضاره، وأن يكون بإخراجها أمر مهم ديني أو
دنيوي، وأن ينتظر بإخراجها صالحاً أو جاراً.
ومما ذكره الحنابلة أن
يكون عليه مضرة في تعجيل الإخراج، مثل من يحول عليه الحول قبل مجيء الساعي، ويخشى
إن أخرجها بنفسه أخذها الساعي منه مرة أخرى.
وكذا إن خشي في
إخراجها ضرراً في نفسه أو مال له سواها، لأن مثل ذلك يجوز تأخير دين الآدمي لأجله،
فدين الله أولى.
وذهب
المالكية إلى أن الحاضر يجب
عليه أن يخرج زكاة ما حضر من ماله وما غاب دون تأخير مطلقاً، ولو دعت الضرورة لصرف
ما حضر، بخلاف المسافر فله التأخير إن دعته الضرورة أو الحاجة لصرف ما معه في
نفقته.
وذهب
الحنفية: إلى أن افتراض
الزكاة عمريّ، أي على التراخي ففي أي وقت أدى يكون مؤدياً للواجب، ويتعين ذلك الوقت
للوجوب، وإذا لم يؤد إلى آخر عمره يتضيق عليه الوجوب حتى لو لم يؤد يأثم إذا مات.
واستدل له بأن من عليه الزكاة إذا هلك نصابه بعد تمام الحول والتمكن من الأداء لا
يضمن، ولو كانت على الفور لضمن، كمن أخر صوم رمضان عن وقته فإن عليه
القضاء.
حكم من ترك إخراج
الزكاة حتى مات:
من ترك الزكاة التي
وجبت عليه، وهو متمكن من إخراجها، حتى مات ولم يوص بإخراجها أثم
إجماعاً.
ذهب جمهور الفقهاء
منهم مالك والشافعي، وأحمد إلى أن من مات وعليه
زكاة لم يؤدها فإنها لا تسقط عنه بالموت كسائر حقوق الله تعالى المالية، ومنها الحج
والكفارات، ويجب إخراجها من ماله سواء أوصى بها أو لم يوص، وتخرج من كل ماله لأنها
دين لله، فتعامل معاملة الدين، ولا تزاحم الوصايا في الثلث، لأن الثلث يكون فيما
بعد الدين. واستدلوا بأنه حق واجب في المال، فلم تسقط بالموت كدين
الآدمي.
ثم قال الشافعية: إذا
اجتمع دين الله مع دين الآدمي يقدم دين الله للحديث "دين الله أحق أن يقضى" رواه
البخاري.
ثم عند المالكية تخرج
زكاة فرض فيها من رأس ماله إن تحقق أنه لم يخرجها، أما إن كان ذلك بمجرد إقراره في
مرض موته وأشهد على بقائها في ذمته، وأوصى بإخراجها فهي من الثلث، وإلا فلا تخرج
أصلاً.
وأما زكاة عام موته
فإن اعترف بحلولها وأوصى بإخراجها أخرجت من رأس المال.
وذهب أبو
حنيفة إلى أن الزكاة تسقط
بالموت بمعنى أنها لا يجب إخراجها من تركته، فإن كان قد أوصى بها فهي وصية تزاحم
سائر الوصايا في الثلث، وإن لم يوص بها سقطت، لأنها عبادة من شرطها النية، فسقطت
بموت من هي عليه كالصلاة والصوم، فإن أخرجها الورثة فهي صدقة تطوع
منهم.
ويستثنى من هذا عند
الحنفية عشر الخارج من الأرض، فيؤخذ من تركة الميت لأنه عندهم في معنى مؤونة
الأرض.
- تراكم الزكاة
لسنين:
إذا أتى على المكلف
بالزكاة سنون لم يؤد زكاته فيها وقد تمت شروط الوجوب، لم يسقط عنه منها شيء
اتفاقاً، ووجب عليه أن يؤد الزكاة عن كل السنين التي مضت ولم يخرج زكاته
فيها.
- حكم من شك هل أدى
الزكاة أم لم يؤدها:
ذهب
الحنفية إلى أنَّ من شك هل
أدى زكاته أو لا يجب عليه أن يزكي بخلاف ما لو شك بعد الوقت أنه هل صلى أم لا، لا
يعيد. قالوا: لأن وقت لا زكاة لا آخر له، بل هو العمر، فالشك فيها كالشك في الصلاة
في الوقت.
وقواعد المذاهب
الأخرى تقتضي مثل ذلك فإن
اليقين لا يزول بالشك.
صورة إخراج
الزكاة:
الزكاة إما أن تخرج من
أعيان المال وهو الأصل في غير زكاة العروض التجارية وقد تقدم. وإما أن تخرج
القيمة.
ذهب الشافعية
والحنابلة خلافاً للحنفية إلى أن الواجب في
زكاة عروض التجارة إخراج القيمة، ولا يجزئ إخراج شيء من أعيان العروض
عندهم.
ويجزئ إخراج الذهب عن
الفضة بالقيمة وعكسه، وهو مذهب الحنفية والمالكية.
وذلك لأن المقصود من
هذين الجنسين الثمينة، والتوسل بها إلى المقاصد، وذلك موجود في الجنسين جميعاً، ومن
هنا فرق من فرق بينهما وبين سائر الأجناس، فإن لكل جنس مقصوداً مختصاً به لا يحصل
بالجنس الآخر. ولأن إخراج القيمة هنا قد يكون أرفق بالآخذ والمعطي. وقد يندرئ به
الضرر عنهما، فإنه لو تعين إخراج زكاة الدنانير منها شق على من يملك أقل من أربعين
ديناراً ذهباً إخراج جزء من دينار، لأنه يحتاج إلى قطعة أو بيعه أو مشاركة الفقير
له فيه، وفي كل ذلك ضرر.
وأما ما عدا ذلك كزكاة
المواشي والزروع وإخراج زكاة الذهب أو الفضة عن غيرهما أو العكس، فقد اختلف الفقهاء
في إخراج القيمة على مذاهب:
فذهب الجمهور
(الشافعية، والمالكية على قول، والحنابلة) إلى أنه لا يجوز
إخراج القيم في الزكاة، واستثنى بعض أصحاب هذا القول نحو إخراج بنت لبون عن بنت
مخاض.
واحتجوا بحديث "في
أربعين شاة شاة، وفي مائتي درهم خمسة دراهم" رواه أحمد فتكون الشاة المذكور
والدراهم المذكورة هي المأمور بها، والأمر يقتضي الوجوب.
وبحديث معاذ أن النبي
صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن فقال: "خذ الحب من الحب، والشاة من الغنم،
والبعير من الإبل، والبقرة من البقر" رواه أو داود.
قالوا: ولأن الزكاة
فرضت دفعاً لحاجة الفقير، وحاجاته متنوعة، فينبغي أن يتنوع الواجب ليتنوع ما يصل
إليه، ووجبت شكراً لنعمة المال، ويحصل ذلك بالمواساة مما أنعم الله به عليه. ولأن
الزكاة قربة لله تعالى وما كان كذلك فسبيله الاتباع، ولو جازت القيمة لبينها النبي
صلى الله عليه وسلم.
وذهب الحنفية، وهو
القول المشهور عند المالكية، إلى أن إخراج القيمة
جائز. لكن قال المالكية: يجوز، ويجزئ مع الكراهة، لأنه من قبيل شراء الإنسان الصدقة
التي أخرجها لله تعالى.
ولأن الغرض منها صد
خلة المحتاج، وذلك معنى معقول، ولأن حاجاته مختلفة، وبالقيمة يحصل ما شاء من
حاجاته. وقياساً على الجزية فإن القيمة مجزئة فيها اتفاقاً، والغرض منها كفاية
المقاتلة، ومن الزكاة كفاية الفقير.
واحتجوا بما في حديث
أنس المرفوع "من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقه فإنها
تؤخذ منه الحقة، ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له، أو عشرين درهماً" رواه
البخاري.
فانتقل إلى القيمة في
موضعين، فعلمنا أن ليس المقصود خصوص عين السن المعين وإلا لسقط إن تعذر، أو لوجب
عليه أن يشتريه فيدفعه.
ثم قال المالكية: إن
أكره على دفع القيمة فدفعها أجزأت، قولاً واحداً.
الإخراج بإسقاط المزكي
دينه عن مستحق للزكاة:
ذهب الحنفية
والمالكية إلى أنه لا يجوز
للدائن أن يسقط دينه عن مدينه الفقير المعسر الذي ليس عنده ما يسد به دينه ويحسبه
من زكاة ماله.
ووجه المنع أن الزكاة
لحق الله تعالى، فلا يجوز فللإنسان أن يصرفها إلى نفع نفسه أو إحياء ماله، واستيفاء
دينه.
وذهب
الشافعي إلى جواز ذلك، لأنه
لو دفع إليه زكاته ثم أخذها منه عن دينه جاز، فكذا هذا.
فإن دفع الدائن زكاة
ماله إلى مدينه فردها المدين إليه سداداً لدينه، أو استقرض المدين ما يسد به دينه
فدفعه إلى الدائن فرده إليه واحتسبه من الزكاة، فإن لم يكن ذلك حيلة، أو تواطؤا، أو
قصداً لإحياء ماله، جاز عند الجمهور.
وإن كان على سبيل
الحيلة لم يجز عند المالكية والحنابلة، وجاز عند الشافعية ما لم يكن ذلك عن شرط
واتفاق، بل بمجرد النية من الطرفين.
لكن صرح الحنفية بأنه
لو وهب جميع الدين إلى المدين الفقير سقطت زكاة ذلك الدين ولو لم ينو الزكاة، وهذا
استحسان.
احتساب المكس ونحوه عن
الزكاة:
ذهب
الحنفية: إلى أنه إذا نوى أن
يكون المكس زكاة فالصحيح أنه لا يقع الزكاة.
وذهب
المالكية فيمن يملك نصاباً من
الأنعام، فجعل عليه الحاكم نقداً معلوماً كل سنة، يأخذه بغير اسم الزكاة، فلا يسوغ
له أن ينوي به الزكاة، وإن نواها لا تسقط عنه.
وذهب الشافعية
والحنابلة: بأن ما يؤخذ من
التاجر من المكس لا يحسب عنه زكاة، ولو نوى به الزكاة، لأن الإمام لم يأخذه باسم
الزكاة.
- ما ينبغي لمخرج الزكاة
مراعاته في الإخراج:
أ- يستحب للمزكي إخراج
الجيد من ماله، مع العلم بأن الواجب في حقه الوسط، وذلك لقول الله تبارك وتعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ
وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ
تُنفِقُونَ} [البقرة: 267] وقوله: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى
تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92].
ب- إظهار إخراج الزكاة
وإعلانه، قال ابن عباس: جعل الله صدقة السر في التطوع تفضل علانيتها، يقال: بسبعين
ضعفاً، وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها، يقال: بخمسة وعشرين ضعفاً، قال:
وكذلك جميع الفرائض والنوافل في الأشياء كلها.
وأجمع العلماء على أن
إظهار الواجب أفضل . وأما قوله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا
هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}
[البقرة: 271] فهو في صدقة التطوع، نظيرها الصلاة، تطوعها في البيت أفضل، وفريضتها
في المسجد ومع الجماعة أفضل.
ج- الحذر من المن
والرياء والأذى، وهذه الأمور محرمة في كل ما يخرج من المال مما يقصد به وجه الله
تعالى، وتحبط الأجر لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا
صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى} [البقرة: 264] ومن هنا استحب المالكية
للمزكي أن يستنيب من يخرجها خوف قصد المحمدة.
- اختيار المزكي من
يعطيه الزكاة:
إعطاء المستحقين
الزكاة ليس بدرجة واحدة من الفضل، بل يتمايز.
نص
المالكية على أنه يندب للمزكي
إيثار المضطر أي المحتاج، على غيره، بأن يزاد في إعطائه منها دون عموم
الأصناف.
التوكيل في أداء
الزكاة:
يجوز للمزكي أن يوكل
غيره في أداء زكاته، سواء في إيصالها للإمام أو نائبه، أو في أدائها إلى المستحق،
سواء عين ذلك المستحق أو فوض تعينه إلى الوكيل.
وقد نص
الشافعية على أن إخراج المزكي الزكاة بنفسه أفضل من التوكيل، أنه بفعل نفسه
أوثق.
وقال
المالكية: التوكيل أفضل خشية
قصد المحمدة، ويجب لمن يعلم من نفسه ذلك القصد، أو يجهل المسنحقين. قالوا: وليس
للوكيل صرفها المزكي الذي تلزمه نفقته، فإن لم تلزمه نفقته
كره.
ثم قال
الشافعية: إن كان الوكيل بالغا
عاقلا، جاز التفويض إليه، فإن كان صبيا أو سفيهاً لم يصح التوكيل، إلا إن نوى
الموكل وعين له من يعطيه المال.
- تلف المال
كله أو بعضه بعد وجوب الزكاة:
من وجبت عليه الزكاة
فلم يخرجها ثم ضاع المال كله أو بعضه، أو تلف بغير فعل المزكي فقد اختلف الفقهاء
في ذلك.
وذهب
الحنفية: إلى أنَّه تلف المال
سقطت الزكاة، لان الواجب جزء من النصاب فيسقط بهلاك محله.
قالوا: وإذا هلك بعض
المال يسقط من الزكاة بقدره أي بنسبة ما هلك.
وقالوا: إن تلف من مال
الزكاة بعد الحول ما كان به الباقي أقل من نصاب قبل إمكان الأداء بلا تفريط سقطت
الزكاة، فإن أمكن الأداء وفرط ضمن.
وذهب المالكية
والشافعية: إلى أن ضياعه
بتفريطه في حفظه وجبت عليه زكاة كل المال، وكذا إن فرط في الإخراج بعد التمكن، بأن
وجد المستحق، سواء طلب الزكاة أم لم يطلبها، لتقصيره بحبس الحق عن
مستحقه.
قال
الشافعية: إن لم يكن فرط زكى
الباقي فقط بقسطه، ولو كان أقل من نصاب.
وقال
المالكية: إن كان الباقي أقل
من نصاب سقطت الزكاة.
وذهب
الحنابلة إلى أنه يجب عليه
زكاة كل المال، حتى لو ضاع كله بعد الحول فالزكاة في ذمته لا تسقط إلا بالأداء،
لأنها حق للفقراء ومن معهم لم يصل إليهم، كدين الآدمي.
- تلف الزكاة
بعد عزلها:
لو عزل الزكاة ونوى
أنها زكاة ماله فتلفت فالحكم كذلك عند كل من المالكية والحنابلة. وذكر
المالكية صورة ما لو عزل الزكاة فتلف المال وبقيت الزكاة، فإنه يجب عليه
إخراجها ولا تسقط بتلف المال.