المراهقة
مرحلة انتقال من الطفولة إلى الرشد
([1])، وهي مجموعة من التغيرات التي تحدث في نمو الفرد الجسمي والعقلي والنفسي
والاجتماعي ، فهي مرحلة الانتقال التي يصبح فيها المراهق رجلاً ، وتصبح المراهقة
امرأة ، ويحدث فيها كثير من التغيرات التي تطرأ على وظائف الغدد الجنسية والتغيرات
العقلية والجسمية .
([2]) المراهقة
تغير سريع :
والتغير
صفة ملازمة للكائن الحي ، ولا يكف الإنسان عن التجدد والتغير ، لكن التغير في
الطفولة بطيء ، وبعد المراهقة بطيء كذلك ، وأما التغير في المراهقة فإنه سريع جداً
حتى إن محمد قطب يقول : ( نحن في فترة انقلاب كامل )
([3]). ويعني بها فترة المراهقة ، ويقصد بالانقلاب التغير السريع المفاجىء ، لأن
التغيرات الكبيرة في حياة الطفل لم نلتفت إليها لأنها جاءت تدريجية ، أما التغير في المراهقة فإنه يجري بمعدلات
كبيرة جداً ، على كافة المستويات الجسمية والنفسية والعقلية والروحية ، وربما كان
النمو الجسدي هو المركز لهذه التغيرات ، كما أن النمو الجنسي مركز النمو الجسدي في
المراهقة . فتنمو الغدد الجنسية وتصبح قادرة على أداء وظائفها في التناسل ، ويرافق
ذلك النمو في الغدد صفات جنسية ثانوية ظاهرة مثل خشونة الصوت عند الفتى ونعومته
عند الفتاة ، وظهور الشعر في مناطق معينة من جسم الفتى والفتاة ، ومن أهم مظاهر
النمو الجسدي للمراهق تميز جسد الفتى عن جسد الفتاة ، بعد أن كانت الفوارق بينهما
طفيفة في مرحلة الطفولة المتأخرة
([4]) .
المراهقة
إذن دفقة قوية من النمو ، وإذا كان النمو الجسدي تراه العين وتنبهر به ، فإن النمو
الرحي والنمو العقلي والنمو الاجتماعي والنمو الانفعالي يتم كذلك على شكل دفقة
قوية ، يقول محمد قطب : ( فإن كانت فترة المراهقة والبلوغ تبدو أكثر خطورة وحروجة
، فبسبب التفجر العاطفي والجسدي الهائل الذي يصاحبها ، ويبدو كأنما تفجر فجأة ،
فيصبح كالفيضان الذي يوشك أن يحطم الجسور )
([5]). ويقول :
( ففي هذه
الفترة التي تتفجر فيها شحنة الجنس ، تنفجر شحنة روحية عجيبة ، شفافة صافية مشرقة
) .
([6]) وترجع أهمية
المراهقة عند علماء النفس إلى أنها مرحلة التغيرات السريعة التي تطرأ على الفرد ،
فتخرجه من عالم الطفولة ، وقد لا يدخل عالم الرجولة فوراً ، بل يبقى في مرحلة
انتقالية بينهما ، وتختلف عنهما معاً ، فالمراهق يرى نفسه بأنه لم يعد طفلاً ،
ويرى الفرق واضحاً بينه وبين الأطفال ، وينظر الكبار إلى المراهق على أنه لم يرشد
بعد ولا يقبلونه في عالم الكبار ، وهكذا تكون المراهقة مرحلة انتقالية بين الطفولة
والرشد .
وخلاصة
المراهقة في علم النفس أنها مرحلة انتقالية من الطفولة إلى الرشد ، تتميز
بالتغيرات السريعة والشاملة للفرد ، أما القلق والاضطراب فليسا حتميين ، وتطول
فترة المراهقة أو تقصر بحسب حضارة المجتمع ، فقد تلغى فترة المراهقة وينتقل الطفل
إلى مرحلة الرشد كما في المجتمع الرعوي والزراعي ، وقد تطول فترة المراهقة وتتضخم
فتسبب القلق والمرض أحياناً كما في المجتمع الصناعي المعقد .
الاضطراب
غير حتمي في المراهقة :
تقول (
مارجريت ميد Mead ) :
( المراهقة مرحلة نمو عادي ، وما دام هذا النمو يسير في مجراه الطبيعي لا يتعرض
المراهق لأزمات )
([7]) وقد اهتمت ( ميد ) بدراسة المجتمعات البدائية ،
كالقبائل التي تعيش في الخيام ، وتمتهن الرعي والصيد ، وقليلاً من الزراعة ، وتقول
عن هذه المجتمعات البدائية : ( في هذه المجتمعات تختفي مرحلة المراهقة ، وينتقل
الفرد من الطفولة إلى الرشد مباشرة ، بعد احتفال تقليدي )
([8]). وقد أثبتت الدراسات أن المراهقة مرحلة نمو عادي ، وأن المراهق ا يتعرض لأزمة من
أزمات النمو ما دام هذا النمو يسير في مجراه الطبيعي .
([9]) والأزمات
والقلق ليسا ضربة لازب في المراهقة ، فقد تمر دون هذه الأزمات ، يقول عبدالرحمن
العيسوي : ( وجدير بالذكر أن النمو الجنسي في المراهقة لا يؤدي بالضرورة إلى أزمات
، لكن النظم الحديثة هي المسئولة عن أزمة المراهقة ) .
([10])ثم يعدد
العيسوي أنواع المراهقة فيقول :
1- مراهقة
سوية خالية من المشكلات والصعوبات .
2- مراهقة
انسحابية يميل فيها الفرد إلى العزلة .
3- مراهقة
عدوانية .
ثم يقول
العيسوي تحت عنوان : ( أسطورة العاصفة ) :
( ولقد
بالغ البعض في وصف المراهقة بالعاصفة إلى الحد الذي جعل أحد علماء النفس يصفها
بأنها مرحلة جنون ( Madness ) ،
ولقد ظل هذا الرأي مقبولاً لمدة طويلة ترجع إلى بداية القرن العشرين ، وربما قبله
، فمنذ أكثر من (81) عاماً نشر ( ستانللي هول : Stanely Hall ) رأياً مؤداه أن المراهقة مرحلة عواصف وضغوط ،
ومعنى ذلك أن جميع المراهقين مرضى ، يحتاجون إلى المعالجة ، والحقيقة توجد فروق
فردية واسعة في مثل هذه الاضطرابات ، وهناك أعداد كبيرة من المراهقين الأسوياء ،
وتؤكد الدراسات الحديثة أن المراهقة ليست بالضرورة وبالطبيعة مرحلة عواصف وضغوط ، ففي بعض الدراسات لم تزد نسبة
المضطربين منهم على (20٪) ، وكانت في الحقيقة لديهم أسباب مقوية للاضطراب ، ولم
يكن اضطرابهم طبيعياً (( بسبب المراهقة )) ) . ( وكانت الغالبية الإحصائية من
هؤلاء المراهقين المضطربين تنحدر من بيوت محطمة أو من بيوت غير سعيدة ) .
( أما
المراهقون الأسوياء ، فإنهم ينحدرون من أسر يسودها الوئام والانسجام ، وكانت
علاقاتهم بأسرهم طيبة ) . ويقول العيسوي : ( فإن من كانت طفولته سعيدة وسوية كانت
مراهقته سعيدة وسوية ، ومن عانى من طفولة تعسة شقية كانت مراهقته غير سوية كذلك )
.
18- حامد زهران ، ص 289 .
19- عبدالرحمن العيسوي ، ص 11 .
20- محمد قطب ، منهج التربية الإسلامية ، (3/196) .
21- انظر عبدالرحمن العيسوي ، ص 30 .
22- محمد قطب ، منهج التربية الإسلامية ، (2/214) .
23- المرجع نفسه ، ص 226.
24- حامد زهران ، ص 292 .
25- عبدالرحمن العيسوي ، ص 29 .
26- حامد زهرا ن ، ص 292 .
27- عبدالرمن العيسوي ، ص 29 .