1- تعريف الخمر:
الخمر لغة: كل ما خَامَرَ العقل، أي غطاه من أي مادة
كان.
وشرعاً: كل ما أسكر سواء كان عصيراً أو نقيعاً من العنب أو غيره، أو
مطبوخاً أو غير مطبوخ. والسُّكْر: هو اختلاط العقل، والمُسْكِر: هو الشراب الذي جعل
صاحبه سكران، والسكران: خلاف الصاحي.
2- حكمه:
حكم الخمر التحريم، وكذا سائر
المسكرات، فكل مسكر خمر، فلا يجوز شرب الخمر، سواء كان قليلاً أو كثيراً، وشربه
كبيرة من الكبائر، والخمر محرمة بالكتاب والسنة والإجماع؛ لقوله تعالى: (يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ
وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ) [المائدة: 90].
فالأمر بالاجتناب دليل على التحريم.
ولحديث
عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (كل
شراب أسكر فهو حرام) (1). وعن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً: (كل مسكر خمر، وكل
خمر حرام) (2). والأحاديث في تحريمها، والتنفير منها، كثيرة جداً تبلغ
التواتر.
وقد أجمعت الأمة على تحريمها.
3- الحكمة في تحريم الخمر:
لقد
أنعم الله عز وجل على الإنسان بنعم كثيرة، منها نعمة العقل التي ميزه بها عن سائر
المخلوقات، ولما كانت المسكرات من شأنها أن تفقد الإنسان نعمة العقل، وتثير الشحناء
والبغضاء بين المؤمنين، وتصد عن الصلاة، وعن ذكر الله،
__________
(1) رواه
البخاري برقم (5585)، ومسلم برقم (2001).
(2) أخرجه مسلم برقم
(2003)-75.
حرمها
الشارع، فالخمر خطرها عظيم، وشرها جسيم، فهي مطية الشيطان التي يركبها للإضرار
بالمسلمين. قال الله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ
بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ
عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ) [المائدة: 91].
حد شارب الخمر، وشروطه، وبم يثبت؟
1- حد شارب الخمر:
حد شارب الخمر الجلد، ومقداره: أربعون جلدة،
ويجوز أن يبلغ ثمانين جلدة، وذلك راجع لاجتهاد الإمام، يفعل الزيادة عند الحاجة إلى
ذلك، إذا أدمن الناس الخمر، ولم يرتدعوا بالأربعين؛ لحديث علي بن أبي طالب - رضي
الله عنه - في قصة الوليد بن عقبة: (جلد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- أربعين، وأبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكلٌّ سنَّةٌ، وهذا أحب إليَّ) (1)،
ولحديث أنس - رضي الله عنه -: (أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان
يضرب في الخمر بالنعال والجريد أربعين) (2).
2- شروط إقامة حد الخمر: يشترط
لإقامة الحد على السكران شروط، وهي:
- أن يكون مسلماً، فلا حدَّ على
الكافر.
- أن يكون بالغاً، فلا حد على الصبي.
- أن يكون عاقلاً، فلا حد على
المجنون، والمعتوه.
- أن يكون مختاراً، فلا حد على المكره والناسي وأمثاله. وهذه
الشروط الثلاثة يدل عليها قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إن الله
تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه). وقوله صلى الله عنه وسلم: (رفع
القلم عن ثلاثة…) الحديث. وقد تقدما مراراً.
- أن يكون عالماً بالتحريم، فلا حد
على الجاهل.
- أن يعلم أن هذا الشراب خمر، فإن شربه على أنه شراب آخر، فلا حد
عليه.
__________
(1) رواه مسلم برقم (1707).
(2) رواه مسلم برقم
(1706).
3- ما
يثبت به حد الخمر:
يثبت حد الخمر بأحد أمرين:
1- الإقرار بالشرب، كأن يقر،
ويعترف بأنه شرب الخمر مختاراً.
2- البينة، وهي شهادة رجلين عدلين، مسلمين
عليه.
حكم المخدرات والاتجار بها:
1- حكم المخدرات سوى الخمر:
يقصد بالمخدرات ما يغشي العقل والفكر،
ويصيب متعاطيها بالكسل، والثقل، والفتور، من البنج والأفيون والحشيش ونحوها.
والمخدرات حرام كيفما كان تعاطيها؛ لحديث عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (كل شراب أسكر فهو حرام) (1)، ولحديث ابن
عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (كل
مسكر خمر، وكل مسكر حرام…) (2) الحديث، ولعظم خطر هذه المواد المخدرة، وشدة
إفسادها، وفتكها بشباب الأمة، ورجالها، وشغلهم عن طاعة ربهم، وجهاد أعدائهم، ومعالي
الأمور.
2- حكم الاتجار بالمواد المخدرة:
ورد النهي عن رسول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في تحريم بيع الخمر، فقد روى جابر - رضي الله عنه -
عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: (إن الله حرم بيع الخمر
والميتة والخنزير والأصنام) (3).
ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
(إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه) (4).
ولذا قال العلماء: إن ما حرم الله
الانتفاع به يحرم بيعه، وأكل ثمنه.
ولما كانت المخدرات يتناولها اسم الخمر،
فإنَّ النهي عن بيع الخمر يتناول هذه المخدرات شرعاً، فلا يجوز بيعها إذن، ويكون
المال المكتسب من الاتجار بها حراماً.
__________
(1) رواه البخاري برقم
(5585)، ومسلم برقم (2001).
(2) رواه مسلم برقم (2003).
(3) رواه مسلم برقم
(1581).
(4) رواه أبو داود برقم (3488)، وأحمد (1/242)، وهو صحيح (انظر التعليق
على مسند أحمد 4/95 ح 2221) طبعة الأرناؤوط