نماذج أخرى
للاستفادة من البحار والمحيطات :
حيث سنقوم بعرض إمكانية الاستفادة من البحار والكائنات البحرية وذلك
لتوضيح بعض المناذج المختلفة لمنافع وإمكانيات البحار والمحيطات، وهي على سبيل
المثال لا الحصر، وذلك من منطلق تسخير البحار لنفع البشرية مصداقاً لقوله تعالى :
( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً) [البقرة :
29].
وكذلك (وهو
الذي سخر البحر).
أولاً
:أكدت
وكالات الأنباء أن الدولفين يلعب دوراً كبيراً في اكتشاف الغواصات والألغام البحرية
أينما كانت، وذلك بعد التدريب بالطبع، حيث تعتمد أنظمة الإدراك الحسي لديه في
تحديدها، وذلك عن طريق استخدامه للموجات فوق الصوتية (Ultrasound) بل والعجيب في الأمر حقاً هو استخدام تلك
الموجات في الطب حيث المعالجة الطبية والتشخيص المرضي لأعضاء الجسم الداخلية بنفس
الطريقة التي يستخدمها الدولفين حيث يسمى القيام بذلك أسلوب " مبدأ النبضة " حيث
توليد دفعات قصيرة لاهتزازات ميكانيكية ضمن مجال ترددي معين 3.5 إلى 10 ميجاهرتز،
وذلك بواسطة مرحل Transducerحيث تنتشر عبر أنسجة الجسم
الداخلية وتولد انعكاساً جزئياً، فتلتقط إشارة الصدى بالمرحل وتتحول إلى إشارة
كهربية يتم تكبيرها لإعطاء صورة لهذا العضو، مما يجعل من الدولفين نموذجاً يحتذي به
في أجهزة الأشعة فوق الصوتية بل وتطويرها بحيث يمكن دراسة كيفية توليده للموجات فوق
الصوتية، والاستفادة منها تكنولوجياً.
ثانياً
:إن
حوالي 90% من جميع الكائنات البحرية تعيش في المياه العميقة هي كائنات متألقة
وضاءة، وبدأ في المختبرات والمعامل العلمية إجراء التجارب عليها للكشف عن آلية
الإضاءة لديها والتي تسمى بالتألق
الحيوي (Bioluminescence)وقد ثبت أن هذه المخلوقات أشد حساسية من أية أدوات صنعتها يد الإنسان
حتى اليوم، حيث قدم عالم الفسيو لوجيا الفرنسي
رافائل أول سبب علمي لتوليد الضوء، حيث ينتج الضوء البيولوجي على المستوى
الجزئي. إذ يجب أن يدفع الجزئ الأول إلى مستوى طاقة أعلى وغير مستقر في آن واحد،
وفي الإضاءة الحيوية يحدث ذلك بوسائل كيميائية أو فيزيائية كالضوء فوق البنفسجين ثم
عندما يرجع الجزئ لوضعه الطبيعي فإنه يصدر فوتون أو جسمياً من الضوء، والمهم هو
التطبيقات والاستفادة العلمية حيث يتم استخدام الإضاءة الحيوية البكتيرية لقياس
جرعة الإشعاع التي سوف تتمكن من تدمير الأورام السرطانية بشكل فعال وآمن، كما قام
به بالفعل د/ جوزيف مانتل في مستشفى ديترويت بالولايات المتحدة الأمريكية.
ثالثاً
:تحلية مياه البحر والمحيطات والحصول على المياه العذبة لأغراض الشرب
والزراعة خاصة أن بها من الماء المالح 1370مليون كيلو متر مكعب، وما يتبخر يرجعه
إليه المطر في توازن رباني عجيب.
وقد كان البحارة الأقدمون يأخذون ماء البحر ثم يبخرونه ويتم تكثيفه،
وسبيلهم في ذلك الوقود والحطب للحصول على الماء العذب سالكين في ذلك مسلك الطبيعة،
ثم باكتشاف الطاقة الشمسية وتطويع الذرة للاستخدامات السلمية أصبح الإنسان يستطيع
تحلية مياه البحر بأسعار رخيصة، كما أن هناك عدة طرق حيث التبخير ذو الأثر المضاعف
أو الممتد المفعول (Multiple
effect)وهي طريقة بسيطة وسهلة للغاية، حيث يتم إدخال بخار شديد الحرارة 120مْ
مثلاً في إناء به ماء مالح ثم نخرج هذا البخار بعد أن يكون قد سخن الوعاء الأول
فيصعد منه بخار وهو عند درجة 105م ليساق هذا إلى الوعاء الثاني الذي به ماء مالح ثم
بدوره إلى الوعاء الثالث والرابع حيث الاستفادة من البخار مرة فمرة بخفض الضغط في
الأوعية والحصول على الماء العذب، وهناك طريقة البخر المفاجئ، التكثيف بواسطة
الطاقة الشمسية، التحلية بواسطة تثليج مياه البحر كما يفعل أهل سبيريا، تحلية
المياه المالحة بواسطة اللوحات المسامية والكهربائية وغيرها.
وهذه الطريقة مستخدمة بالفعل في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا
والتي تحصل في العام على أكثر من 45 مليون متر مكعب من الماء العذب، وأيضاً في
الكويت التي تمتلك ست محطات تحصل منها على حوالي 50 ألف متر مكعب ماء عذباً وفي
السعودية والبحرين وغيرها من دول العالم المختلفة.
رابعاً
:للحياة وحداتها، ووحدة الحياة الخلية والخلية في نسيج، والنسيج في عضو
ثم العضو في الكائن الحي، والذي يمثل بدوره وحدة في جماعة أو شعب أو وطن، ولكي ندرك
سر الخلية الحية كان لابد أن نعزلها عن المجتمع الذي تعيش فيه وندرس سلوكها، وهذا
ما تم مع شعبة الالتئام والتجمع في مستعمرات خاصة، مع فصلها وتمزيقها إلى اثنين ـ
أي خليتين مختلفتين ـ مما ساعد العلماء على معرفة سر نشأة الخلية السرطانية
وتدميرها للخلية الحية واختراقها من الداخل وإضعاف مقاومتها ثم قتلها والإحلال
محلها، وكذلك ندرك لغز تشكيل وتكوين الجنين الذي يأتي من خلية واحدة ملقحة ثم تتشكل
حتى توج العلماء بحوثهم في هذا المجال وتوصلوا إلى أسراره وبداياته، وظهر ما
يسمى" طفل الأنابيب " كثمرة لتجارب العلماء في
هذا المجال، والعلم " علم زراعة الخلايا والأنسجة بعيداً عن الجسم الحي " نتيجة
لجهد عالم الفسيولوجيا الأمريكي هـ .ف . ويلسون بجامعة نورث كارولينا الأمريكية،
وذلك على مستعمرة إسفنج، ثم بعد ذلك العالم بول جالستوف من معمل بيولوجيا البحار،
وتوم همفريز من جامعة شيكاغو حيث مزق الخلايا الإسفنجية فإذا بها لو توفرت لها
الظروف والعوامل المناسبة فإنها تحقق رباطات خلوية ولنظمت كل جالية نفسها، ثم لأخذت
الخلايا أوضاعها، عندئذ تبدأ في تكون مستعمرة إسفنجية جديدة لا تختلف قليلاً أو
كثيراً عن المستعمرة الأم، وقد وجد أن الخلايا المفككة عندما وضعت في ماء بحر خال
من الكالسيوم والماغنسيوم فإنها تتآلف أوتترابط، وقد ثبت علمياً أيضاً أن الخلايا
السرطانية التي تنشأ داخل خلايا الإنسان قد تتفكك أيضاً إذا لم تجد الوسط الملائم
لنموها متمثلاً في الكالسيوم، غير أنها تهاجر إلى موقع آخر بجسم الكائن الحي حيث
تكون فيما بينها رباطات خلوية، وهو ما لا يتوفر لخلايا جسم الإنسان، مما أحدث كشفاً
لأسباب مرض السرطان وربما مع بحوث أشمل وأعمق نستطيع القضاء على هذا المرض الخبيث
بعد أن أفصح لنا الإسفنج عن بعض أسراره.
خامساً
:تتميز الأسماك الكهربائية بوجه عام بتوليد نبضات تيارات كهربية بعضها
ضعيف حيث الذبذبات المنخفضة، وأخرى تستطيع توليد جهود كهربائية عالية تترواح بين
300ـ 800 فولت، وقد اكتشفها الإغريق والرومان قديماً وعالجوا بها مرض النقرس، على
أن ذلك لم يدم طويلاً نظراً لأن هذا التيار العالي الذي تولده سمكة الشفتين البحرية
لا يتحمله إلا ذوو البنية القوية، ولكن الطب الحديث قد استلهم ذلك وطور أساليب
ووسائل علاجية بالصدمة الكهربائية ولكن بطريقة آمنة، وذلك عن طريق جهاز مقلد التيار
(Simulator)لعلاج مرض اضطرابات الدورة الدموية والأمراض العضلية والعصبية.
سادساً
: سمك
القرش ذلك الحيوان البحري والذي ثبت وجود مادة " السكوالين " والتي استخدمها
اليابانيون في الحرب العالمية الثانية كزيت لتشحيم طائراتهم التي تطير على ارتفاع
عال في درجات حرارة منخفضة، وفي معالجة الحروق، وعلاج فعال لكثير من الأمراض بدءاً
من الإمساك إلى علاج أورام المخ بفعالية، فضلاً عن أنها تدخل في صناعة أدوات
التجميل.
وكذلك اكتشف الباحثون الطبيون أن سمك القرش لا يمرض أبداً ولا يصاب بأي
التهاب بالرغم من الجروح الكثيرة التي يتعرض لها، كما أنه محصن وذو مناعة تامة ضد
الأورام السرطانية، وذلك لإفراز مضاد حيوي قوي وفعال في كل خلية من خلايا جسمه.
وإنه ذو فاعلية مذهلة في القضاء على الميكروبات والفطريات والبكتريا الضارة قضاءً
تاماً وفورياً، وأنه قد تم استخراج المادة والبدء في تجربتها واختيار مدى فاعليتها
واستخدامها بالنسبة للإنسان، وذلك للقضاء على الأمراض البشرية، وهو ما أثبتت
الأبحاث نجاحه بفاعلية.
وأخيراً
ـفقد
عرف العلماء الكثيرة عن البحار والمحيطات وأهميتها وفوائدها ولكن هذا الكثير لا
يزال قليلاً لما تطويه الحياة من علوم (وما أوتيتم
من العلم إلا قليلاً).