(سخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل
والنهار)[سورة إبراهيم : 33]، إذن فالشمس مسخرة كمصدر للطاقة لا ينفد وينضب،
فالطاقة التي ترسلها إلى الأرض كافية ووافية، بل وتمثل فيضاً هائلاً من الطاقة لم
يستغل بشكل فعال ومؤثر حيث ترسل الشمس 180 ألف تيراوات ـ مليون بليون ـ إشعاع شمس
للأرض، بينما تستهلك الأرض 8 تيراوات فقطن وتسقط أشعة الشمس الحرارية على ماء
البحار والمحيطات بنسبة 70% حيث تمتصها فيحدث التبخر تاركة وراءها كل الشوائب
والأملاح والميكروبات حيث يحدث التبخر بمقادير هائلة في المنطقة شبه الاستوائية،
نظراً لتركيز حرارة القطبين، كما أن هناك اختلافات البخر جداً في المنطقة الباردة
بالقرب من القطبين، كما أن هناك اختلافات قوية في البخر من الشرق إلى الغرب عبر
المحيطات ، حيث يكون البخر في الغرب ضعف مثيله في الشرق على نفس خط العرض على سطح
المحيط، وذلك بسبب الحركة العرضية للبخر من الشرق إلى الغرب، وتكمن أهمية عملية
البخر في أنها تتسبب في سقوط الأمطار المسببة للحياة، إلى جانب أن هذه العلمية
تستخدم كميات هائلة من الطاقة في تسخين مياه المحيطات مما يؤدي إلى الاتزان الحراري
للمحيطات مع الحافظ على ملوحتها في ذات الوقت، حيث تقوم الأمواج بتقليب الملح في
ماء البحر للمحافظة على ملوحته، كما أن تكثيف البخر يعمل على تخفيف الماء وملوحته
بالقرب من سطح المحيطات، مما ينتج عن ذلك استبدال الكتلة التي ميلها تدفق بخار
الماء، ويستتبع ذلك تولد غازي الأكسجين وثاني أكسيد الكربون مسببي الحياة
البيولوجية مما يؤدي إلى التوازن الغازي، حيث إن غاز ثاني أكسيد الكربون وبخار
الماء فيا لجو يؤدي على امتصاص الضوء، وأن 60% من ثاني أكسيد الكربون الموجود في
الهواء يبقى كما هو في الجو بنسبة 40% تمتص في البحار والمحيطات، وغني عن المعرفة
أن في حالة غياب ثاني أكسيد الكربون لأي سبب تزداد حرارة الجو ويتغير مناخ العالم
بشكل جذري، لذا يتضح أن الخضرة وثاني أكسيد الكربون يلعبان دوراً هاماً في الحياة
البحرية واليابسة من خلال استخدام ضوء الشمس كمصدر للطاقة اللازمة للتمثيل الضوئي،
ومع مرور الوقت بالنسبة للنباتات يتعاظم عنصر الكربون في الجذور والسيقان، والذي هو
عنصر الحفاظ على اتزان البيئة الحية سواء على اليابسة أو البحار، بل وعنصر الأساس
لاتزان الحياة البشرية غذاء ودفئاً، وهو ما أكدته الحقيقة القرآنية في سورة يس
(الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه
توقدون)[آية :80].
مما يؤدي إلى تبادل الطاقة الميكانيكية، ويؤكد لنا الارتباط الحيوي بين
الأحوال الجوية والبحار والمحيطات، فتدفق الطاقة الشمسية من المناطق الاستوائية إلى
القطبين الشمالي والجنوبي، وهذا لا يحدث إلا في الأجزاء السائلة من الأرض حيث مياه
المحيطات وطبقات الجو مع العامل الناقل الوسيط المتمثل في الجو حيث الرياح وعوامل
الضغط المخلفة، مما يؤدي إلى تدفئة الجو بتفاعل البحر والهواء، حيث يعمل الجو على
نقل طاقة الشمس إلى القطبين بنحو 600 كالوري /جرام بخار ماء، لذا فإن عملية التكثيف
تفرج عن هذه الطاقة المبخرة في تعذيب الماء والحفاظ على درجة حرارة الجو. والسؤال
الذي يثور ويفرض نفسه بقوة وبطريقة منطقية وبديهية وهو : لماذا تشغل البحار
والمحيطات 70% من مساحة الأرض وهي مياه مالحة؟ ألم يكن من الأجدى أن تكون مياهاً
عذبة تصلح للشرب والزراعة وشتى المنافع بدلاً من هذه المياه المالحة؟
ولكن حكمة ربنا العالية اقتضت ذلك لنحافظ على دروة المياه، وبدونها يأسن
هذا الماء العذب ويتغير طعمه ويفسد، بينما مياه البحار هي التي حفظت الماء العذب
لانتفاع به، وكونها دائماً مصدراً رئيسياً وخزائن للماء لا تنضب أبداً ما دامت
الحياة على الأرض، كما أن الماء المالح يحافظ على توازنه، وذلك عن طريق الأمواج،
والتي تقوم بعملية تقليب وتذويب الأملاح في المياه حتى تظل ذائبة في ماء البحر أو
المحيط.