الجمعة
كيفيتها ومقدارها:
الجمعة:
ركعتان وخطبتان قبلها ولها ركنان: الصلاة والخطبة، والصلاة ركعتان بقراءة جهرية
إجماعاً.
والخطبة:
فرض وهي خطبتان قبل الصلاة، وشرط في صحة الجمعة، وأقل ما يسمى خطبة عند العرب،
تشتمل على حمد لله تعالى وصلاة على رسوله، ووعظ في أمور الدين والدنيا، وقرآن. ويسن
قبلها أربع ركعات اتفاقاً، وبعدها عند الجمهور غير المالكية أربع
أيضاً.
شروط
صحة الجمعة:
الشرط
الأول:
وقت الظهر:
فتصح
فيه فقط، ولا تصح بعده، ولا تقضى جمعة، فلو ضاق الوقت، أحرموا بالظهر، ولا تصح
عند الجمهور غير الحنابلة قبله أي قبل وقت الزوال.
وآخر
وقت الجمعة: آخر وقت الظهر بغير خلاف، ولأنها بدل منها، أو واقعة موقعها، فوجب
الإلحاق بها، لما بينهما من المشابهة.
إدراك
الصلاة جمعة:
ذهب
الحنفية
إلى أنَّ: من أدرك الإمام يوم الجمعة في أي جزء من صلاته، صلى معه ما أدرك، وأكمل
الجمعة، وأدرك الجمعة، حتى وإن أدركه في التشهد أو في سجود
السهو.
وذهب
الجمهور إلى أنه: إذا أدرك الركعة الثانية مع الإمام، فقد أدرك الجمعة، وأتمها
جمعة، وإن لم يدرك معه الركعة الثانية، أتمها ظهراً.
الشرط
الثاني: البلد
ذهب
الحنفية
إلى أنَّ كون البلد في مصر جامع، أو في مصلى المصر عند الحنفية وهو ما لا يسع أكبر
مساجدها أهلها المكلفين بالجمعة. وهذا شرط وجوب وصحة، فلا يصح أداء الجمعة إلا في
المصر وتوابعه، ولا تجب على أهل القرى التي ليست من توابع المصر، ولا يصح أداء
الجمعة فيها.
وذهب
المالكية
إلى كونها في موضع الاستيطان، وهو إما بلد أو قرية، مبنية بأحجار ونحوها، أو بأخصاص
من قصب أو أعواد شجر، لا خيم من شعر أو قماش، لأن الغالب على أهلها الارتحال،
فأشبهوا المسافرين. وهذا شرط صحة ووجوب عند المالكية، لأن الصحيح عندهم أن
الشروط الأربعة وهي الإمام والجماعة والمسجد وموضع الاستيطان هي شروط وجوب وصحة
معاً، ولابد أن تستغني القرية بأهلها عادة، بالأمن على أنفسهم، والاكتفاء في معاشهم
عن غيرهم. ولا يحدون بحد كمائة أو أقل أو أكثر.
وذهب
المالكية
إلى أنه: أن تقام الجمعة في بلد أو قرية، وإن لم تكن في
مسجد.
ولا
تلزم الجمعة أهل الخيام وإن استقروا في الصحراء أبداً، لأنهم على هيئة المسافرين أو
المستوفزين للسفر، وليس لهم أبنية المستوطنين، ولأن قبائل العرب الذين كانوا مقيمين
حول المدينة ما كانوا يصلونها، وما أمرهم النبي صلى الله عليه
وسلم.
وذهب
الحنابلة إلى كون إلى كون المكلفين: أن يكون المكلفون بالجمعة وهو أربعون فأكثر
مستوطنين أي مقيمين بقرية مجتمعة البناء، بما جرت العادة بالبناء به، من حجر أو لبن
أو طين أو قصب أو شجر، ولا جمعة على أهل الخيام وبيوت الشعر، ولا تصح منهم، لأن ذلك
لا ينصب للاستيطان غالباً.
الشرط
الثالث: الجماعة
وذهب
أبو حنيفة
إلى أن: أقلَّ الجماعة ثلاثة رجال سوى الإمام، ولو كانوا مسافرين أو مرضى، لأن أقل
الجمع الصحيح إنما هو الثلاث، والجماعة شرط مستقل في الجمعة. ولابد من مذكر وهو
الخطيب ويشترط بقاء المصلين الثلاثة مع الإمام حتى انتهاء الصلاة، فإن تركوا وجاء
غيرهم صحت الصلاة وإلا فلا.
وذهب
المالكية
إلى أنه: يشترط حضور اثني عشر رجلاً للصلاة والخطبة.
ولا
بد- أن يكون العدد من أهل البلد، فلا تصح من المقيمين به لنحو تجارة، إذا لم يحضرها
العدد المذكور من المستوطنين بالبلد.
ولا
بدَّ أيضاً أن يكونوا باقين مع الإمام من أول الخطبة حتى السلام من صلاتها، فلو
فسدت صلاة واحد منهم، ولو بعد سلام الإمام، بطلت الجمعة، أي أن بقاء الجماعة إلى
كمال الصلاة شرط.
وذهب
الشافعية والحنابلة
إلى أنه: تقام الجمعة بحضور أربعين فأكثر بالإمام من أهل القرية المكلفين الأحرار
الذكور المستوطنين، بحيث لا يظعن منه أحدهم شتاءً ولا صيفاً إلا لحاجة، ولو كانوا
مرضى أو خرساً أو صماً، لا مسافرين، لكن يجوز كون الإمام مسافراً إن زاد العدد عن
الأربعين، ولا تنعقد الجمعة بأقل من أربعين
الشرط
الرابع: وهذا
الشرط عند الحنفية ولم يشترطه الجمهور وهو أن يكون السلطان ولو متغلباً أو
نائبه، أو من يأذن له بإقامة الجمعة كوزارة الأوقاف الآن هو إمام الجمعة وخطيبها،
لأنها تقام بجمع عظيم، وقد تقع منازعة في شؤون الجمعة، فلابد منه تتميماً لأمره،
ومنعاً من تقدم أحد.
والشرط
الخامس:
وهو عند الحنفية ولم يشترطه الجمهور: وهو الإذن العام: وهو أن تفتح أبواب الجامع
ويؤذن للناس بالدخول إذناً عاماً، بأن لا يمنع أحد ممن تصح الجمعة عن دخول الموضع
الذي تصلى فيه، لأن كل تجمع يتطلب الإذن بالحضور، ولأنه لا يحصل معنى الاجتماع إلا
بالإذن، ولأنها من شعائر الإسلام، وخصائص الدين فلزم إقامتها على سبيل الاشتهار
والعموم.
الشرط
السادس: وهو عند المالكية: وهوأن تصلى بإمام مقيم، فلا تصح أفراداً، وأن يكون مقيماً غير مسافر، ولو لم يكن
متوطناً، وأن يكون هو الخطيب إلا لعذر يبيح الاستخلاف كرعاف ونقض وضوء. ولا يشترط
أن يكون الإمام والياً.
وأن
تكون الصلاة بجامع يجمع فيه على الدوام، فلا تصح في البيوت ولا في رحبة دار، ولا في
خان، ولا في ساحة من الأرض.
الشرط
السابع: عدم تعدد الجمع لغير حاجة:
ذهب
المالكية والشافعية والحنابلة
لصحة الجمعة ألا يسبقها ولا يقارنها جمعة في البلد أو القرية، إلا لكبر وعسر اجتماع
الناس في مكان، وتعسر الاجتماع: إما لكثرة الناس، أو لقتال بينهم، أو لبعد أطراف
البلد، بأن يكون من بطرفها لا يبلغهم صوت المؤذن بالشروط السابقة في وجوب
الجمعة.
فإن
سبقت إحدى الجمع غيرها فهي الصحيحة، وما بعدها باطل.
وقال
الشافعية
والاحتياط لمن صلى ببلد تعددت فيه الجمعة لحاجة، ولم يعلم سبق جمعته: أن يعيدها
ظهراً، خروجاً من خلاف من منع التعدد، ولو لحاجة. وينوي آخر ظهر بعد صلاة الجمعة أو
ينوي الظهر احتياطاً، خروجاً عن عهدة فرض الوقت بأداء الظهر.
ذهب
الحنفية إلى أنه: يؤدى أكثر من جمعة في مصر واحد بمواضع كثيرة دفعاً للحرج، لأن في
إلزام اتحاد الموضع حرجاً بيناً، لتطويل المسافة على أكثر الحاضرين، ولم يوجد دليل
على عدم جواز التعدد، والضرورة أو الحاجة تقضي بعدم اشتراطه، لا سيما في المدن
الكبرى.
الشرط
الثامن الخطبة قبل الصلاة:
ذهب
الفقهاء
إلى الاتفاق على أن الخطبة شرط في الجمعة، لا تصح بدونها ولأن النبي صلى الله عليه
وسلم لم يصل الجمعة بدون الخطبة وتكون خطبتين قبل الصلاة.
شروط
الخطبة عند الفقهاء:
ذهب
الحنفية
إلى أنه: يخطب الإمام بعد الزوال قبل الصلاة خطبتين خفيفتين بقدر سورة من طوال
المفصل، يفصل بينهما بقَعْدة قدر قراءة ثلاث آيات، ويخفض جهره بالثانية عن الأولى،
ويخطب قائماً، مستقبل الناس، على طهارة من الحدثين، وستر عورة، ولو كان الحاضرون
صُمَّاً أو نياماً.
ولو
خطب قاعداً أو على غير طهارة، جاز، لحصول المقصود، إلا أنه يكره لمخالفته الموروث،
وللفصل بينها وبين الصلاة لتجديد طهارته، فالطهارة والقيام سنة عندهم، والسبب في
ذلك أنها لا تقوم مقام الركعتين، لأنها تنافي الصلاة، لما فيها من استدبار القبلة
والكلام، فلا يشترط لها شرائط الصلاة.
ولو
اقتصر الخطيب على ذكر الله تعالى كتحميدة أو كتهليلة أو تسبيحة، فقال: الحمد لله،
أو سبحان الله، أو لا إله إلا الله، جاز عند أبي حنيفة مع
الكراهة.