ما يراعى في قسمة
الزكاة بين الأصناف الثمانية :
أ- تعميم الزكاة على
الأصناف :
ذهب جمهور العلماء
(الحنفية والمالكية وهو المذهب عند الحنابلة إلى أنه لا يجب تعميم
الزكاة على الأصناف، سواء كان الذي يؤديها إليها رب المال أو الساعي أو الإمام،
وسواء كان المال كثيراً أو قليلاً، بل يجوز أن تعطى لصنف واحد أو أكثر، ويجوز أن
تعطى لشخص واحد إن لم تزد عن كفايته، وهو مروي عن عمر وابن عباس، قال ابن عباس : في
أي صنف وضعته أجزأك.
واحتجوا بحديث : "تؤخذ
من أغنيائهم فترد على فقرائهم" قالوا : والفقراء صنف واحد من أصناف أهل الزكاة
الثمانية، واحتجوا بوقائع أعطى فيها النبي صلى الله عليه وسلم الزكاة لفرد واحد أو
أفراد، منها : "أنه أعطى سلمة بن صخر البياضي صدقة قومه" رواه الترمذي. وقال
لقبيصة: "أقم يا قبيصة حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها".
وصرح
المالكية بأن التعميم لا يندب
إلا أن يقصد الخروج من الخلاف، وكذا استحب الحنابلة التعميم للخروج من
الخلاف.
وذهب
الشافعية، إلى أنه يجب تعميم
الأصناف، وإعطاء كل صنف منهم الثُمن من الزكاة المتجمعة، واستدلوا بآية الصدقات،
فإنه تعالى أضاف الزكاة إليهم بلام التمليك، وأشرك بينهم بواو التشريك، فدل على
أنها مملوكة لهم مشتركة بينهم، فإنه لو قال رب المال : هذا المال لزيد وعمرو وبكر
قسمت بينهم ووجبت التسوية، فكذا هذا، ولو أوصى لهم وجب التعميم
والتسوية.
وتفصيل مذهب الشافعية
في ذلك أنه يجب استيعاب الأصناف الثمانية في القسم إن قسم الإمام وهناك عامل، فإن
لم يكن عامل بأن قسم المالك، أو حمل أصحاب الأموال زكاتهم إلى الأمام، فالقسمة على
سبعة أصناف، فإن فقد بعضهم فعلى الموجودين منهم، ويستوعب الإمام من الزكوات
المجتمعة عنده آحاد كل صنف وجوباً، إن كان المستحقون في البلد، ووفى بهم المال،
وإلا فيجب إعطاء ثلاثة من كل صنف، لأن الآية ذكرت الأصناف بصيغة
الجمع.
قالوا : وينبغي بضبط
المستحقين، ومعرفة أعدادهم، وقدر حاجاتهم، واستحقاقهم، بحيث يقع الفراغ من جمع
الزكوات بعد معرفة ذلك أو معه ليتعجل وصول حقهم إليهم.
قالوا : وتجب التسوية
بين الأصناف، وإن كانت حاجة بعضهم أشد، ولا تجب التسوية بين أفراد كل صنف إن قسم
المالك، بل يجوز تفضيل بعضهم على بعض، أما إن قسم الإمام فيحرم عليه التفضيل مع
تساوي الحاجات، فإن فقد بعض الأصناف أعطى سهمه للأصناف الباقية، وكذا إن اكتفى بعض
الأصناف وفضل شيء، فإن اكتفى بعض الأصناف وفضل شيء، فإن اكتفى جميع أفراد الأصناف
جميعاً بالبلد، جاز النقل إلى أقرب البلاد إليه على الأظهر، على ما يأتي
بيانه.
الترتيب بين المصارف
:
صرح الشافعية
والحنابلة بأن العامل على
الزكاة يبدأ به قبل غيره في الإعطاء من الزكاة، لأنه يأخذ على وجه العوض عن عمله،
وغيره يأخذ على سبيل المواساة.
قال الشافعية وهو قول
عند الحنابلة : فإن كان سهم
العاملين وهو ثُمن الزكاة قدر حقه أخذه، وإن زاد عن حقه رد الفاضل على سائر السهام،
وإن كان أقل من حقه تمم له من سهم المصالح، وقيل من باقي
السهام.
والمذهب عند
الحنابلة أن العامل يقدم
بأجرته على سائر الأصناف، أي من مجموع الزكاة.
أما ما بعد ذلك،
فقال الشافعية : يقسم بين باقي الأصناف كما تقدم.
وقال
الحنفية : يقدم المدين على
الفقير لأن حاجة المدين أشد، وراعى الحنفية أموراً أخرى تأتي في نقل
الزكاة.
وقال
المالكية : يندب إيثار المضطر
على غيره بأن يزاد في إعطائه منها.
وقال
الحنابلة : يقدم الأحوج
فالأحوج استحباباً، فإن تساووا قدم الأقرب إليه، ثم من كان أقرب في الجوار وأكثر
ديناً، وكيف فرقها جاز، بعد أن يضعها في الأصناف الذي سماهم الله
تعالى.