مقتل الخليفة عثمان بن عفان رضي الله
عنه
رواية أبي سعيد مولى أبي أسيد الساعدي التي نقلها الطبري في
"تاريخه" 3/390-414
الجزء الأول: سيدنا عثمان يجتمع بالوفد القادم من مصر
محتجاً عليه:
"سمع عثمان أن وفد
أهل مصر قد أقبلوا عليه، فاستقبلهم وكان في قرية له خارجة عن المدينة، فلما سمعوا
به أقبلوا نحوه إلى المكان الذي هو فيه، وكره أن يقدموا عليه المدينة، فآتوه فقالوا
له: أدع بالمصحف: فدعا بالمصحف، فقالوا له: افتح السابعة، وكانوا يسمون سورة يونس
السابعة، فقرأنها حتى أتى هذه الآية: {قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم
منه حراماً وحلالاً قل الله أذن لكم أم على الله تفترون}[يونس: 59]. فقالوا له
قف: أرأيت ما حميت من الحمى؟ آلله أذن لك به أم على الله تفتري؟ فقال: أمضه نزلت في
كذا وكذا، فأما الحمى فإن عمر حمى الحمى قبلي لإبل الصدقة، فلما وُلِّيتُ زادت في
إبل الصدقة فزدت في الحمى لما زاد في إبل الصدقة. أمضه. فجعلوا يأخذونه بالآية
فيقول: أمضه نزلت في كذا وكذا. والذي يتولى كلام عثمان… ابن ثلاثين
سنة. ثم أخذوه بأشياء لم يكن عنده منها مخرج فعرفها فقال: استغفر الله وأتوب إليه،
وقال لهم: ما تريدون؟ فقالوا: نأخذ ميثاقك وكتبوا عليه شرطاً، وأخذ عليهم ألا يشقوا
عصا، ولا يفارقوا جماعة ما قام لهم بشرطهم أو كما أخذوا عليه. وقال لهم: ما تريدون؟
قالوا: نريد ألا يأخذ أهل المدينة عطاء. قال لا! إنما هذا المال لمن قاتل عليه
ولهؤلاء الشيوخ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرضوا بذلك وأقبلوا معه إلى
المدينة راضين. فقام فخطب فقال: إني والله ما رأيت وفداً في الأرض هم خير لحوباتي
من هذا الوفد الذين قدوا علي. وقال مرة أخرى: خشية من هذا الوفد من أهل مصر، ألا من
له زرع فليلحق بزرعه، ومن كان له ضرع فليحتلبه. ألا إنه لا مال لكم عندنا، إنما هذا
المال لمن قاتل عليه ولهؤلاء الشيوخ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغضب
الناس، فقالوا: هذا مكر بني أمية".
هذا ما يستخلص من الجزء الأول من رواية أبي سعيد:
1- تحكيم كتاب
الله بين سيدنا عثمان الوفد القادم من مصر، وهذا يظهر من نص آخر عن محمد بن سيرين،
حيث يقول: "فعرض عليهم كتاب الله فقبلوه" وَبقِيَّت الشروط تظهر في رواية محمد بن
سيرين حيث يقول: "واشترطوا جميعاً أن المنفي يُقلب، والمحروم يعطى، ويوفر الفي
ويعدل في القسم، ويستعمل ذو القوة والأمانة".
2- لم يستطيع
سيدنا عثمان أن يبرر كل أعماله لوفد مصر.
3- القضية
الهامة والأساسية هي توزيع مال الفتوح.
الجزء الثاني: عثور
الوفد على كتاب مهور بخاتم سيدنا عثمان يأمر بقتل بعض أفراد الوفد:
"ثم رجع الوفد
المصريون راضين، فبينا هم في الطريق إذا هم براكب يتعرض لهم، ثم يفارقهم، ثم يرجع
إليهم، ثم يفارقهم ويسبقهم. قالوا له:ما لك؟ إن لك لأمراً، ما شأنك؟ فقال: أنا رسول
أمير المؤمنين إلى عامله بمصر. ففتشوه، فإذا هم بكتاب على لسان عثمان، عليه خاتمه،
إلى عامله بمصر: أن يصلبهم أو يقتلهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف. فأقبلوا حتى
قدموا المدينة، فأتوا علياً، فقالوا: ألم تر إلى عدو الله؟ إنه كتب فينا بكذا وكذا
وأن الله قد أحل دمه، قم معنا إليه. قال علي: والله لا أقوم معكم، فقالوا: فَلِمَ
كتبت إلينا؟ فقال: وما كتبت إليكم كتاباً قط. فنظر بعضهم إلى بعض ثم قال بعضهم
لبعض: ألهذا تقاتلون، أو لهذا تغضبون؟ فانطلق علي فخرج من المدينة إلى قرية،
فانطلقوا حتى دخلوا على عثمان، فقالوا: كتبت فينا بكذا وكذا، فقال: إنما هما
اثنتان: أن تقيموا عليّ رجلين من المسلمين، أو يميني بالله الذي لا إله إلا هو: ما
كتبت ولا أمللت ولا علمت. وقد تعلموا أن الكتاب يكتب على لسان الرجل، وقد ينقش
الخاتم على الخاتم، فقالوا فقد والله أحل الله دمك، ونقضت العهد والميثاق.
فحاصروه".
وهذا ما يُستخلص الجزء الثاني من رواية أبي سعيد، فهو غاية
الأهمية حيث إنه كشف حقائق مطموسة.
1- الرسول المرسل
من قِبل عثمان -كما زعموا- أمره عجيب حين إنه تعَّرض للوفد ثم فارقهم ثم رجع إليهم،
وكأنه يريد أن يقول لهم شيئاً أو يريد أن يلفت نظرهم إليه ليسألوه عما به، فهو ليس
برسول عادي أرسل بمهمة سرية -كما هو شأن المرسلين- ويريد أن يبلغ هدفه دون لفت
أنظار الناس إليه، بل هو يقصد أن يثير الشبهة، وكأنه يقول لهم: أسألوني ما بي وما
معي؟ وهذا ما حصل فعلاً أن أوقف وسئل عما معه.
2- الكتب التي
تلقاها الوفد من سيدنا على بن أبي طالب تحثهم على المجيء للمدينة المنورة ومعاداة
عثمان، فسيدنا علي ينكر بعثه لهذه الكتب ويقول: "والله ما كتبت إليكم كتاباً قط".
فهذا الأمر يظهر أن هناك مزورين كتبوا هذه الكتب، ولا يستبعد أنهم هم الذين أرسلوا
الكتاب المزعوم بقتل بعض وفد المصريين.
3- نفي سيدنا
عثمان الكتاب المزعوم، مما يدل أن الخاتم الذي مهر به الكتاب خاتم مزور يشبه خاتم
سيدنا عثمان.
يظهر لنا من هذه الحقائق الثلاث أن وراء هذه الأحداث مؤامرة
تحاك، ويختبىء ورائها رجال مزورون يريدون وقوع الفتنة.
الجزء الثالث: مناقشة سيدنا عثمان للوفد، ومنعهم الماء عنه:
"وأشرف عثمان ذات يوم
فقال: السلام عليكم، فما سمع أحداً من الناس رد عليه إلا أن يرد رجل في نفسه، فقال:
أنشدكم بالله هل علمتم أني اشتريت بئر رومه من مالي يستعذب بها، فجعلت رشائي منها
كرشاء رجل من المسلمين؟ قيل: نعم. قال: فَعَلامَ تمنعونني أن أشرب منها حتى أفطر
على ماء البحر؟ وقال: أنشدكم الله هل علمتم أني اشتريت كذا وكذا من الأرض فزدته في
المسجد؟ قيل: نعم. فقال: فهل علمتم أن أحداً من الناس منع أن يصلي فيه قبلي؟ وقال:
أنشدكم الله هل سمعتم نبي الله صلى الله عليه وسلم يذكر كذا وكذا -أشياء في شأنه-
وذكر الله إياه أيضاً في كتابه المفصّل، ففشا النهي فجعل الناس يقولون: مهلاً عن
أمير المؤمنين. وفشا النهي وقام الأشتر يومئذ أو في يوم آخر فقال: لعله قد مُكر به
وبكم. فوطئه الناس حتى لقي كذا كذا.
ثم يقول أبو سعيد مولى أبي أسيد الذي يقص هذه القصة: فرأيته
أشرف عليهم مرة أخرى فوعظهم وذكّرهم، فلم تأخذ فيهم الموعظة، وكان الناس تأخذ فيهم
الموعظة في أول ما يسمعونها فإذا أعيدت عليهم لم تأخذ فيهم".
هذا الجزء الثالث من رواية أبي سعيد:
وفيه إشارة إلى المؤامرة التي دبرت لسيدنا عثمان.
الجزء الرابع سيدنا عثمان يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم
في المنام وانتظاره الموت
"ثم إنه فتح الباب
ووضع المصحف بين يديه، وذاك أنه رأى من الليل أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
أفطر عندنا الليلة".
يُستخلص من الجزء الرابع من رواية أبي سعيد التالي:
رؤية سيدنا عثمان للنبي صلى الله عليه وسلم في المنام وقوله
له: "أفطر عندنا الليلة" واعتقاد سيدنا عثمان بالمنام الذي رآه، وتسليمه له. وهذا
يوضح أمر سيدنا عثمان الصحابة والمدافعين بالذهاب إلى بيوتهم.
الجزء الخامس: مقتل سيدنا عثمان وبيان من قتله:
ودخل على عثمان رجل، فقال: بيني وبينك كتاب الله، فخرج
وتركه. ثم دخل عليه آخر فقال: بيني وبينك كتاب الله، والمصحف بين يديه، فأهوى إليه
بالسيف، فاتقاه بيده فقطعها -لا أدري أبانها أم قطعها ولم يَبِنْها- فقال: أما ولله
إنها لأول كف خطت المفصَّل وأخذَت ابنة الفرافصة حليلها فوضعته في حجرها، وذلك قبل
أن يقتل فلما اُشعر أو قتل تجافت عنه، فقال بعضهم: قاتلها ما أعظم عجيزتها، فعلمت
أن أعداء الله لم يريدوا إلا الدنيا".
رواية سهم الأزدي التي رواها ابن عساكر في تاريخ
دمشق:
قال ثور بن يزيد الرحبي: " أخبرني سهم أنه كان مع عثمان بن
عفان يوم حُصر في الدار، فزعم أن ركب الشقاء من أهل مصر أتوه قبل ذلك فأجازهم،
وأرضاهم، فانصرفوا.
"حتى إذا كانوا ببعض
الطريق انصرفوا وخرج عثمان بن عفان فصلى إمّا صلاة الغداة وإمّا صلاة الظهر، فحصبه
أهل المسجد، وقذفوه بالحصا والنعال والخفاف.
"فانصرف إلى الدار
ومعه طلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، ومروان بن الحكم، وأبو هريرة، والمغيرة
بن الأخنس، في أناس لا أحفظ من ذكر منهم إلا هؤلاء النفر، فأشرفوا على ظهر البيت،
فإذا هم بركب أهل الشقاء قد دخلوا المدينة، وأقبل ناس حتى قعدوا على باب الدار،
عليهم السلاح. فقال عثمان لغلام له يقال له وثاب: خذ مكتلاً من تمر.. فانطلق بها
إلى هؤلاء القوم، فإن أكلوا من طعامنا فلا بأس بهم، وإن شفقت منهم فدعهم وارجع،
فانطلق بالمكتل، فلما رأوه رشقوه بالنبل، فانصرف الغلام وفي منكبه سهم، فخرج عثمان
ومن معه إليهم ، فأدبروا وأدركوا رجلاً يمشي القهقرى فقلت له: ما القهقرى؟ قال:
ينكص على عقبيه كراهية أن يُولى، فأخذناه أخذاً فأتيناه به عثمان بن عفان فقال: يا
أمير المؤمنين إنَّا والله ما نريد قتلك، ولكن نريد معاتبتك، فأعتب قومك وأرضهم،
قال: يا أبا هريرة فلعلهم يردون ذلك؛ فخلوا، قال: فخلينا سبيله.
"وخرجت عائشة أم
المؤمنين فقالت الله الله يا عثمان في دماء المؤمنين؛ فانصرف إلى الدار.
فلما أصبح صلى بنا الغداة، فقال: أشيروا عليّ، فلم يتكلم
أحد من القوم غير عبد الله بن الزبير فقال: يا أمير المؤمنين أشير عليك بثلاث خصال
فاركب أيهن أحببت: إما أن نهل بعمرة فتحرم عليهم دماؤنا. ويكون إلى ذلك قد أتانا
مددنا من الشام -وقد كان عثمان كتب إلى أهل الشام عامة وإلى أهل دمشق خاصة: إني في
قوم قد طال فيهم عمري واستعجلوا القدر، وقد خيروني بين أن يحملوني على شوارف إلى
جبل الدخان، وبين أن أنزع لهم رداء الله الذي كساني، وبين أن أُقيدهم، ومن كان على
سلطان يخطىء ويصيب، وأن يا غوثاه، ولا أمير عليك دوني- وإما أن نهرب على نجائب سراع
لا يدركنا أحد حتى نلحق بمأمننا من الشام، وإما أن نخرج بأسيفنا ومن شايعنا، فنقاتل
فإنا على الحق وهم على الباطل.
قال عثمان: أما قولك أن نهل بعمرة فتحرم عليهم دماؤنا؛
فوالله لم يكونوا يرونها اليوم عليهم حراماً لا يحرِّمونها إن أهللنا بعمرة. وأما
قولك أن نخرج نهرب إلى الشام؛ فوالله إني لأستحي أن آتي الشام هارباً من قومي وأهل
بلدي. وأما قولك نخرج بأسيافنا ومن تابعنا، فنقاتل فإنا على الحقوهم على الباطل؛
فوالله إني لأرجو أن ألقى الله ولم أهرق محجمة من دم المؤمنين.
فمكثنا أياماً صلينا الغداة، فلما فرغ أقبل علينا فحمد الله
وأثنى عليه ثم قال: إن أبا بكر وعمر أتياني الليلة، فقالا لي: صم يا عثمان، فإنك
مفطر عندنا، فإني أشهدكم أني قد أصبحت صائماً وأعزم على من كان يؤمن بالله وباليوم
الآخر إلا خرج من الدار سالماً مسلماً.
فقلنا: يا أمير المؤمنين إن خرجنا لم نأمنهم على أنفسنا،
فائذن لنا فلنكن في بيت من الدار يكون فيه حماية ومنعة؛ فأذن لهم فدخلوا بيتاً،
وأمر بباب الدار ففتح، ودعا بالمصحف فأكب عليه، وعنده امرأتاه ابنة الفرافصة
الكلبية وابنة شيبة.
"فكان أول من دخل
عليه محمد بن أبي بكر الصديق، فمشى إليه حتى أخذ بلحيته فقال: دعها يا ابن أخي
فوالله إن كان أبوك ليلهف لها بأدنى من هذا، فاستحى فخرج وهو يقول: أشعرته وأخذ
عثمان ما امتعط من لحيته فأعطاه إحدى امرأتيه، ثم دخل رومان بن وردان -عداده في
مراد- رجل قصير أرزق مجدور هو في آل ذي أصبح، معه جرْز من حديد فاستقبله فقال: على
أي ملة أنت يا نعثل؟ فقال عثمان: لست نعثل ولكني عثمان بن عفان، وأنا على ملة
إبراهيم حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، فقال: كذبت، فضربه بالجرْز على صدغه
الأيسر، فقتله. وأدخلته بنت الفرافصة بينها وبين ثيابها".
رواية الأحنف بن قيس التي رواها الطبري في "تاريخه"
3/510-512:
قال الأحنف: "قدمنا المدينة ونحن نريد الحج، فإنا لبمنازلنا
نضع رحالنا إذا أتانا آت فقال: قد فزعوا وقد اجتمعوا في المسجد، فانطلقنا، فإذا
الناس مجتمعون في نفر في وسط المسجد، وإذا علي والزبير وطلحة وسعد بن أبي وقاص،
وإنَّا كذلك إذ جاء عثمان بن عفان فقيل: هذا عثمان قد جاء وعليه مليئة له صفراء قد
قنّع بها رأسه، فقال: أههنا علي؟ قالوا: نعم، قال: أههنا الزبير؟ قالوا: نعم، قال:
أههنا طلحة؟ قالوا: نعم، قال: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: من يبتع مربد بني فلان غفر الله له،
فابتعته بعشرين أو بخمسة وعشرين ألفاً، فأتيت النبي صلى
الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله قد ابتعته. قال: اجعله في مسجدنا، وأجره لك،
قالوا: اللهم نعم.
وذكر أشياء من هذا النوع.
قال الأحنف: فلقيت طلحة والزبير، فقلت: من تأمراني به
وترضيانه لي؟ فإني لا أرى هذا الرجل إلا مقتولا. قالا: علي، قلت: أتأمراني به
وترضيانه لي؟ قالا: نعم. فانطلقت حتى قدمت مكة، فبينا نحن بها إذ أتانا قتل عثمان،
وبها عائشة أم المؤمنين فلقيتها، فقلت: من تأمرينني أن أتابع قالت: علي، قلت:
تأمرينني به وترضينه لي؟ قالت: نعم، فمررت على علي بالمدينة فبايعته ،ثم رجعت إلى
البصرة، ولا أرى الأمر إلا قد استقام، فبينا أنا كذلك إذ أتاني آت فقال: هذه عائشة
وطلحة والزبير، قد نزلوا جانب الخريبة فقلت: ما جاء بهم؟ قالوا: أرسلوا إليك يدعونك
يستنصرون بك على دم عثمان، فأتاني أفظع أمر أتاني قط، فقلت: إن خذلاني هؤلاء، ومعهم
أم المؤمنين وحواري رسول الله صلى الله عليه وسلم لشديد، وإن قتالي رجلاً ابن عم
رسول الله صلى الله علي وسلم قد أمروني ببيعته لشديد، فلما أتيتهم، قالوا: جئنا
لنستنصر على دم عثمان رضي الله عنه قتل مظلوماً، فقلت: يا أم المؤمنين أنشدك بالله
أقلت لك: من تأمرينني به، فقلت: علي، فقلتُ: أتأمرينني به وترضينه لي؟ قلت: نعم؟
قالت: نعم، ولكنه بدل، فقلت يا زبير يا حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم، يا
طلحة أنشدكما الله أقلت لكما ما تأمراني؟ فقلتما: علي، فقلت: أتأمراني به وترضيانه
لي؟ فقلتما: نعم، قالا: نعم ولكنه بدلْ، فقلت: والله لا أقاتلكم ومعكم أم المؤمنين
وحواري رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أقاتل رجلاً ابن عم رسول الله صلى الله
عليه وسلم أمرتموني ببيعته".
ما يستخلص من
الروايات الثلاث
1- رد سيدنا
عثمان بن عفان كثيراً من التهم الموجهة إليه، واستغفر عن بعض أعماله التي أقر بأنها
خطأ عمله، وبذلك رضي عنه الثائرون، حيث إنه وعدهم بتصحيحها.
2- لم يرسل عثمان
إلى عامله في مصر أي كتاب يحرضه على قتل الثوار، وذلك لأن عثمان لم يغير وعده
لهم.
3- كان باستطاعة
عثمان مقاتلة الخارجين وردهم، ولكنه لم يُرد إهراق الدم في الدفاع عن نفسه، ولم يرد
ترك المدينة، بل رضي أن يقتل لرؤية رأها في المنام.
4- كان بجانب
عثمان الصحابة الأولين يوالونه ويشدون أرزه، وأبناؤهم أيضاً.
5- لم يكن يطمع
طلحة والزبير في الاستيلاء على الخلافة بعد عثمان، لأنهما كانا يريان أن علياً هو
الأصلح لها. وهذا هو رأي السيدة عائشة.
6- خروج السيدة
عائشة وطلحة والزبير يطالبون بدم عثمان لاعتقادهم أنه قتل
مظلوماً.
7- هناك عدد من
أهل المدينة ينقمون على عثمان لأمور مادية، لأنه أراد أن يمنعهم من المشاركة في
الفتوح.
8- إن بين
الثائرين على عثمان من هم مدفوعون بالغيرة على الدين.
9- هناك أيدٍ
خفية تحرك الأمور من وراء الستار لتوقع الفرقة بين المسلمين، فهي التي صاغت الكتب
على لسان الصحابة، وهي التي زورت الكتاب المرسل إلى عامل عثمان في مصر، وهي التي
كانت تستعجل الأمور.
10- كان بين
هؤلاء الثوار رجال من الصحابة كمحمد بن أبي بكر، ولعل منهم: عمار بن ياسر، ولكن
الأمر لم يبلغ بهم حد الاشتراك في القتل.