تطهير
الجامدات والمائعات:
ذهب
الفقهاء
إلى أنه إذا وقعت النجاسة في جامد، كالسمن الجامد ونحوه، فإن تطهيره يكون برفع
النجاسة وتقوير ما حولها وطرحه، ويكون الباقي طاهراً، لما روت ميمونة رضي الله
تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن فأرة سقطت في سمن فقال: "
ألقوها، وما حولها فاطرحوه، وكلوا سمنكم".
وذهب
جمهور الفقهاء إلى
أنه إذا وقعت النجاسة في مائع فإنه ينجس، ولا يطهر. ويراق، لحديث أبي هريرة رضي
الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الفأرة تقع في السمن فقال: "إن
كان جامداً فألقوها وما حولها، وإن كان مائعاً فلا تقربوه" وفي رواية "وإن كان
مائعاً فأريقوه" رواه أحمد.
وذهب
الحنفية
إلى إمكان تطهيره بالغلي، ذلك بأن يوضع في ماء ويغلى، فيعلو الدهن الماء، فيرفع
بشيء، وهكذا ثلاث مرات.
تطهير
ما كان أملس السطح:
ذهب
الشافعية والحنابلة
إلى أنه إذا أصابت النجاسة شيئاً صقيلاً -كالسيف والمرآة- فإنه لا يطهر بالمسح، ولا
بد من غسله، لعموم الأمر بغسل الأنجاس، والمسح ليس غسلاً.
ذهب
الحنفية
إلى أن ما كان أملس السطح، كالسيف والمرآة ونحوهما، إن أصابه نجس فإن تطهيره يكون
بالمسح بحيث يزول أثر النجاسة، لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا
يقتلون الكفار بسيوفهم ثم يمسحونها ويصلون وهم يحملونها، ولأنه لا يتشرب النجاسة،
وما على ظاهره يزول بالمسح.
فإن
كان بالصقيل صدأ يتشرب معه النجاسة، أو كان ذا مسام تتشربها، فإنه لا يطهر إلا
بالماء.
وذهب
المالكية
إلى أن ما كان صلباً صقيلاً، وكان يخشى فساده بالغسل كالسيف ونحوه، فإنه يعفى عما
أصابه من الدم المباح ولو كان كثيراً، خوفاً من إفساد الغسل
له.
المراد
بالمباح غير المحرم، فيدخل فيه دم مكروه الأكل إذا ذكاه بالسيف، والمراد. المباح
أصالة، فلا يضر حرمته لعارض كقتل مرتد به، وقتل زان أحصن بغير إذن
الإمام.
كما
قيدوا العفو بأن يكون السيف مصقولاً لا خربشة فيه، وإلا فلا
عفو.
تطهير
الثوب والبدن من المني
-اختلف
الفقهاء في نجاسة المنى.
فذهب
الحنفية والمالكية
إلى نجاسته.
وذهب
الشافعية والحنابلة
إلى أنه طاهر.
واختلف
الحنفية والمالكية
في كيفية تطهيره:
فذهب
الحنفية
إلى أن تطهيره محل المني يكون بغسله إن كان رطباً، وفركه إن كان يابساً، لحديث
عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: "كنت أفرك المنى من ثوب رسول الله صلى الله عليه
وسلم إذا كان يابساً، وأغسله إذا كان رطباً".
ولا
فرق في طهارة محله بفركه يابساً وغسله طرياً بين مني الرجل ومني المرأة،كما أنه لا
فرق في ذلك بين الثوب والبدن على الظاهر من المذهب.
وذهب
المالكية
إلى أن تطهير محل المني يكون بالغسل لا غير.
طهارة
الأرض بالماء:
قال
جمهور الفقهاء:
إذا تنجست الأرض بنجاسة مائعة- كالبول والخمر وغيرهما- فتطهيرها أن تغمر بالماء
بحيث يذهب لون النجاسة وريحها، وما انفصل عنها غير متغير بها فهو طاهر.
وذلك
لما رواه أنس رضي الله عنه قال: "جاء أعرابي فبال في طائفة (ناحية) من المسجد،
فزجره الناس فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قضي بوله أمر بذَنوب من ماء
فأهريق عليه" وفي لفظ فدعاه فقال: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا
القذر، وإنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن" وأمر رجلاً فجاء بدلو من
ماء فشنه عليه [متفق عليه].
وإنما
أمر بالذنوب لأن ذلك يغمر البول، ويستهلك فيه البول وإن أصاب الأرض ماء المطهر أو
السيول فغمرها وجرى عليها فهو كما لو صب عليها، لأن تطهير النجاسة لا تعتبر فيه
نيَّة ولا فعل، فاستوى ما صبَّه الآدمي وما جرى بغير صبّه.
ولا
تطهر الأرض حتى يذهب لون النجاسة ورائحتها، ولأن بقاءهما دليل على بقاء النجاسة،
فإن كانت مما لا يزول لونها إلا بمشقة سقط عنه إزالتها كالثوب، كذا الحكم في
الرائحة.
ويقول
الحنفية:
إذا أصابت النجاسة أرضاً رخوة فيصب عليها الماء فتطهر، لأنها تنشف الماء، فيطهر وجه
الأرض، وإن كانت صلبة يصب الماء عليها، ثم تكبس الحفيرة التي اجتمعت فيها
الغسالة.
ما
تطهر به الأرض سوى المياه:
ذهب
جمهور الحنفية
إلى أن الأرض إذا أصابها نجس، فجفت بالشمس أو الهواء أو غيرهما وذهب أثره طهرت
وجازت الصلاة عليها.
وذهب
المالكية والحنابلة، والشافعية
في الأصح عندهم، إلى أنها لا تطهر بغير الماء، لأمره صلى الله عليه وسلم أن يصب على
بول الأعرابي ذنوب ماء، وقوله صلى الله عليه وسلم: "أهريقوا على بوله ذنوبا من ماء،
أو سجلا من ماء" [رواه البخاري]. والأمر يقتضى الوجوب، لأنه محل نجس فلم يطهر بغير
الغسل.