المسافة
التي يجوز فيها القصر:
اختلف
الفقهاء في تقدير مسافة التي يقصر فيها، فذهب الحنفية إلى أن: أقل ما تقصر
فيه الصلاة مسيرة ثلاثة أيام ولياليها من أقصر أيام السنة في البلاد
المعتدلة(1)،
بسير الإبل ومشي الأقدام، ولا يشترط سفر كل يوم إلى الليل، بل أن يسافر في كل يوم
منها من الصباح إلى الزوال (الظهر)، فالمعتبر هو السير الوسط مع الاستراحات
العادية، فلو أسرع وقطع تلك المسافة في أقل من ذلك كما في وسائل المواصلات الحديثة،
جاز له القصر. فإذا قصد الإنسان موضعاً بينه وبين مقصده مسيرة ثلاثة أيام، جاز له
القصر، فإن لم يقصد موضعاً، وطاف الدنيا من غير قصد إلى قطع مسيرة ثلاثة أيام لا
يترخص بالقصر.
والتقدير
بثلاث مراحل قريب من التقدير بثلاثة أيام، لأن المعتاد من السير في كل يوم مرحلة
واحدة، خصوصاً في أقصر أيام السنة. ولا يصح القصر في أقل من هذه المسافة، كما لا
يصح التقدير عندهم بالفراسخ(2)
على المعتمد الصحيح.
والمعتبر
في البحر والجبل: ما يناسبه أو ما يليق بحاله لقطع المسافة، ففي البحر تعتبر تلك
المسافة بحسب اعتدال الريح، لا ساكنة ولا عالية، وفي الجبل يعتبر السير فيه بثلاثة
أيام ولياليها بحسب طبيعته، وإن كانت تلك المسافة في السهل تقطع بما
دونها.
وذهب
الجمهور المالكية والشافعية والحنابلة
إلى أن: السفر الطويل المبيح للقصر بالزمن : يومان معتدلان أو مرحلتان بسير الأثقال
ودبيب الأقدام، أي سير الإبل المثقلة بالأحمال على المعتاد من سير وحط وترحال وأكل
وشرب وصلاة كالمسافة بين جدة ومكة أو الطائف ومكة أو من عسفان إلى مكة. ويقدر
بالمسافة ذهاباً: بأربعة برد أو ستة عشر فرسخاً، أو ثمانية وأربعين ميلاً هاشمياً،
والميل: ستة آلاف ذراع(3)،
كما ذكر الشافعية والحنابلة، وقال المالكية على الصحيح: الميل ثلاثة آلاف وخمسمائة
ذراع، وتقدر بحوالي (89كم) وعلى وجه الدقة: 88.704 كم ثمان وثمانين كيلو وسبعمائة
وأربعة أمتار، ويقصر حتى لو قطع تلك المسافة بساعة واحدة، كالسفر بالطائرة والسيارة
ونحوها، لأنه صدق عليه أنه سافر أربعة برد.
والمسافة
في البحر كالمسافة في البر.
_________________________
(1) أي
البلاد التي يمكن قطع المرحلة المذكورة في معظم اليوم من أقصر أيامها، فلا يرد أن
أقصر أيام السنة في بلاد البلغار قد يكون ساعة أو أكثر أو
أقل.
(2) الفرسخ
: ثلاثة أميال، والميل أربعة آلاف ذراع.
(3) الذراع
: أربعة وعشرون أصبعاً كما ذكر الشافعية والحنابلة، أو 32 أصبعاً، والذراع :
46.2سم، والأصبح : ست شعيرات معتدلات، وتساوي 1.925 سم.
واستثنى
المالكية خلافاً لغيرهم (الجمهور) من هذه المسافة أهل مكة ومنى ومزدلفة والمُحَصَّب
إذا خرجوا في الحج للوقوف بعرفة، فإنه عملاً بالسنة يسن لهم القصر في الذهاب
والإياب إذا بقي عليهم شيء من أعمال الحج التي تؤدى في غير وطنهم، وإلا بأن وصلوا
وطنهم أتموا الصلاة